تقول لي صديقتي التي تسكن في الدور الأرضي بإحدى العمارات بمحافظة القاهرة، إنه بعد وفاة والدها، قام الجار الذي يسكن في الشقة المُجاورة لها، بشراء شقة في الدور الثاني، وفتح شقته التي في الدور الأرضي محلات تجارية وقام بتأجيرها، ليقوم المُستأجر بتجهيز المكان لعرض السيارات وتزينها، بردم حوض الزرع الموجود كمظهر جمالي للمنطقة السكنية بطبقة خراسانية، وتحويل الحوض إلى مكان لعرض السيارات، ومغسلة لتنظيف وغسل السيارات وتجهيزها للعرض، بالإضافة إلى تكسير الرصيف الموجود في الشارع، وعمله كمجرى لصرف مياه غسيل السيارات، مما أدى إلى تجمع برك المياه على الأسفلت، مما تسبب في إحداث التشققات بطبقاته، وتكوين الحُفر الصغيرة على أسطحه والتي تسببت في تآكل الرصيف وسقوط عمود الإنارة الموجود عليه، وتشويه العمران، وتعرض حياة الناس للخطر.
هذا فضلًا عن التعرض لهم ومُضايقتهم بشكل مُستمر سواء من المؤجر أو مُستأجر المحلات، في محاولة منهم لترك شقتهم والاستيلاء على المساحات المُجاورة للمحلات.
إن ظاهرة تحويل الوحدات السكنية إلى كافة الأنشطة التجارية من معامل ومحلات تجارية وعيادات ومخابز ومطاعم، وصولاً إلى مقاهي وكافيهات داخل العمارات، بل وصل الأمر إلى تحويلها لمغاسل السيارات أسفل العمارات السكنية أصبح ظاهرة مُنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية، وهذه الظاهرة لا تُزعج السكان فقط وتسبب لهم الضوضاء وقلة راحتهم، بل لا يتم فيها مُراعاة قواعد أو اشتراطات السلامة في تحويل الوحدة السكانية إلى محل تجاري.
ويقترب عدد الوحدات المُخالفة لقرار حظر تحويل المباني السكنية إلى تجارية إلى أكثر من 20 مليون وحدة سكنية على مستوى الجمهورية، ووصل عدد المباني المخالفة في محافظة القاهرة وحدها إلى ما يزيد عن 80 ألف مبنى.
وقد سبق أن تم عرض دراسة لتقنين أوضاع الوحدات المُخالفة، بالأدوار الأرضية التي جرى تحويلها من سكني إلى تجاري، شريطة موافقة اتحاد شاغلي العمارة، إلا أنه تم رفض هذه الدراسة، والتنسيق مع الجهات المُختصة؛ لاتخاذ اللازم ضد الوحدات ومُلاكها، وتشميع هذه الوحدات بعد تحويل الشقة من سكني إلى تجاري، بالمُخالفة للوائح والقوانين المُنظمة، كما أنه في حالات الإيجار، يُمكن فسخ العقد في حال تحويل الشقة من سكني إلى تجاري، حيث يحظر القانون ذلك.
كما رفض د. مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، في وقت سابق، تحويل الشقق من سكني إلى تجاري، وقال إنه لن يُقبل بتحويل الوحدات السكنية إلى تجارية وإدارية.
إن تحويل الوحدات السكانية إلى محلات تجارية، يحول المدن إلى أحياء عشوائية تغزوها المقاهي والورش ومحال البقالة والمطاعم، وسبق وأصدر اللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة قرارًا بالتصدي لمُخالفات تتعلق بتحويل شقة من سكني إلى تجاري، مشددًا على أن ذلك أمر لن يُقبل به، في ضوء عدم السماح بعودة فوضى البناء المُخالف.
كما أن الأحكام الصادرة بشأن تحويل شقة من سكني إلى تجاري، تضمنت قرار المحكمة الدستورية العليا، بشأن توجيه أعمال البناء وتعديلاته، وقرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 بمنع تحويل الوحدات السكنية الي أنشطة تجارية وإدارية بشأن تحويل الأماكن السكنية لأغراض تجارية، وقد قضت بعدم قبول الدعوى المُطالبة بعدم دستورية القانون رقم 106 لسنة 1976.
وبالرغم من ذلك هناك تزيد في إعداد تحويل الوحدات السكنية إلى محلات تجارية، وتعتبر سياسة الأمر الواقع وقبول هذا الوضع هي العليا.
باحثة وكاتبة في العلوم الإدارية وفلسفة الإدارة
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية