تواصلت الاعتداءات الحوثية على المملكة العربية السعودية، الإمارات أيضاً كانت قد تعرضت لهجمات مماثلة. قبل الهجوم الحوثي بساعات قليلة الصومال أيضا كانت على موعد مع هجمات إرهابية لحركة شباب المجاهدين الموالية لتنظيم القاعدة.
لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل تلك الأحداث وتفسيرها بمعزل عن بعضها البعض؛ حيث هناك قوى إقليمية تستغل حالة عدم الاستقرار الدولية الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية وانشغال القوى الدولية ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بتلك الأزمة، وخلال العقدين الأخيرين دائماً وأبداً كانت كل من: إيران، إسرائيل، وتركيا المستفيد المباشر من جل وجميع الأزمات الإقليمية والدولية تحقق منها مكاسب سياسية وتعزز من نفوذها الجيوسياسي في المنطقة.
إيران الآن تستغل الحالة الدولية ـــ وحالة الضعف الملحوظة للإدارة الأمريكية الحالية التي ساهمت في تزايد الخطر الحوثي بعدما قام الرئيس الأمريكي جو بايدن في مستهل رئاسته برفع جماعة «الحوثي» الإرهابية من قائمة الإرهاب، وما تبع ذلك من تزايد وتيرة هجماتهاــــ عبر ذراعها المباشر الممثل في جماعة الحوثي، وتحاول الضغط على مراكز عصب العالم من خلال استهداف المنشآت النفطية السعودية والإماراتية على النحو الذي يؤجج من أسعار النفط العالمية، وهو ما حدث بالفعل؛ حيث ارتفعت أسعار النفط في رد فعل مباشر، بعد الهجوم الصاروخي لتسجل 120.65 دولار للبرميل.
كل ذلك بهدف السعي الإيراني الحثيث لتعزيز مواقفها خاصة في الملف النووي إلى جانب محاولات فرض النفوذ والهيمنة في البحر الأحمر، ومن خلال الدعم العسكري الإيراني الكامل؛ استولى الحوثيون في اليمن على عدد من الموانئ الإستراتيجية المطلة على البحر الأحمر في تهديد مباشر لحركة السفن العابرة من وإلى الموانئ الخليجية بما يهدد الأمن القومي العربي والمصري.
خليجياً؛ يمثل البحر الأحمر بوابة عبور دول الخليج والتجارة الخليجية نحو العالم عبر باب المندب وقناة السويس، كما أنه أحد الشرايين الرئيسية للتجارة الدولية؛ يكفي للتدليل على تلك الأهمية أنه يمر نحو 86% من صادرات النفط العربية عبر البحر الأحمر.
مصرياً؛ يمثل تزايد النفوذ الإيراني في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر. وما يترتب عليه من ارتفاع وتيرة التنافس الدولي في الإقليم بما يضر بالمصالح القومية المصرية. فالقرن الإفريقي هو قلب قوس عدم الاستقرار، كما حدده مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق «برجينسكي». وهو القوس الذي يضم الشرق الأوسط والقرن الإفريقي ومنطقة المحيط الهندي. كما يقع ضمن الإطار الجيوسياسي لمنطقة الخليج الإستراتيجية.
وقد لعب انهيار دولة الصومال دورًا مؤثرًا على التحولات الجيوسياسية على منطقتي القرن الإفريقي والبحر الأحمر، والتي سمحت في بداية القرن الماضي لأن تتحول منطقة القرن الأفريقي ساحة تفاعل واسعة للقوى الإقليمية والدولية الحليف منها والمعادي. كما مثلت الاكتشافات النفطية الكبيرة في المنطقة محدداً استراتيجياً جديداً ومهماً في إطار التنافس الدولي في المنطقة. بما يجعل من القرن الأفريقي والتهديدات المتزايدة في البحر الأحمر بمثابة «كعب أخيل» القاتل. والقابل للانفجار في أي وقت خاصة في ظل تزايد النفوذ الإيراني في أفريقيا.
وإلى جانب الصومال تتواجد إيران بشكل فاعل في إريتريا، كما أنها تغلغلت بداخل جيبوتي. لتصبح «مخلب قط» تصيب به الدول العربية المجاورة، ومنصة لها على البحر الأحمر. ومفتاحه الجنوبي وهو مضيق باب المندب. إضافة لاستغلال ميليشيات الحوثي لإقامة موطئ قدم لها في السواحل اليمنية. على النحو الذي يجعل من القواعد العسكرية الإيرانية البعيدة أهم من التكنولوجيا النووية بعشرات المرات وأخطر تهديداً.
لذلك فالتنسيق المصري، السعودي، الإماراتي وبالشكل المتواصل والفاعل. كما نراه الان هو ضرورة لمواجهة التحديات والمهددات المباشرة في ظل عالم مضطرب وقطب دولي ضعيف.
هنا يصبح تفعيل كيان دول البحر الأحمر المكون من 8 دول، وتفعيل استراتيجيات وأدوات هذا التحالف على النحو الذي يجعل منه قوة إقليمية حتى لو اقتضى الأمر تشكيل قوة بحرية مشتركة، خطوة مهمة لوقف التهديد الإيراني ومجابهة المخاطر التي تمثلها الأعمال الإرهابية الحوثية، وتعزيز مباشر للأمن المصري والعربي لحفظ أمن منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي الإستراتيجية.
كل عام ومصر والأمة العربية والإسلامية في أمن وخير.. رمضان كريم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدول