بعد مؤامرة احتلال الموصل ، واتهام رئيس وزراء السابق نوري المالكي بالانضمام لحلف المقاومة المتمثل بالجمهورية الاسلامية الايرانية وسوريا وحزب الله ، وبعد ما آلت اليه الامور بتنحي المالكي لصالح العبادي مرغما ، يتردد الحديث في الأوساط السياسية مرة أخرى عن وجود طبخة سياسية خارجية تقودها الولايات المتحدة وحلفائها لتنحية العبادي ليكون هو الآخر كبش الفداء وابقاء العملية السياسية في العراق في حالة الفوضى الخلاقة والمراد سياسيا من مصطلح الفوضى الخلاقة هو ايجاد وخلق المشاكل للدول وايصالها الى حالة اليأس المتعمد لكي تستسلم تلك الشعوب وتقبل بالتغير الكامل والشامل حتى لو كان ذلك يقف بالضد من مبادئهم وثقافتهم !! وهذا ما يحصل اليوم بالضبط في العراق ، فكما وقع للجعفري والمالكي سيقع على العبادي عاجلا أم آجلا والتغير القادم سيكون مرحليا وتدريجيا وبارادة أمريكية وخليجية وتركية والسبب هو عدم استطاعة اي من القادة الثلاث تلبية رغبات الأمريكان والدول الاقليمية بصورة كاملة !! فمهما تحدثنا عن حالات الضعف في القرار السياسي العراقي ، يبقى علينا الاقرار بوجود تردد كبير من رؤساء وزراء العراق في تلبية الرغبات الأمريكية والاقليمية حرفيا وذلك يرجع لعوامل ثلاث وهي … أولا : الشعور بالخيانة لمكونهم السياسي … ثانيا : عدم قناعتهم بالوعود الأمريكية … ثالثا : قوة المرجعية الدينية الشيعية وتأثيرها على الشارع .. ولعل العامل الثالث هو الأهم في المعادلة السياسية العراقية ..
ولكن يبقى السؤال لماذا يخشى العبادي من دعوة الروس ومشاركتهم بالضربات الجوية ضد الدواعش خاصة بعد اعلان البيت الأبيض ان العراق دولة ذات سيادة والعبادي يستطيع اتخاذ القرار المناسب وان الأمريكان لا يمانعون من اشراك الروس في محاربة داعش !!
في رأيي ان المراد من حديث الناطق باسم البيت الأبيض هو ايصال رسالة معكوسة تماما وهي ان العراق لا يستطيع أن يمضي بعيدا في قراره ، لانه ما زال تحت الحماية والوصاية الأمريكية ! وأظن ان السيد العبادي فهم الرسالة جيدا خاصة لو اطلعنا على تصريحات العبادي الأولى والتي قال فيها انه لا تحفظات على توجيه روسيا ضربات جوية ضد داعش بالعراق شرط موافقة الحكومة العراقية’، منتقدا ‘قلق بعض الاطراف السياسية العراقية من انضمام العراق للتحالف الرباعي الذي يضم روسيا وايران وسوريا’.
وقال ان البعض ‘تحفظ على التعاون مع روسيا ويتصرف كأن اوباما احد اقربائه’، في اشارة واضحة الى ‘تراجع التنسيق بين بغداد وواشنطن في حربها ضد داعش للمرحلة المقبلة’.
وكان اتحاد القوى الوطنية السني اعرب عن تحفظه الشديد على التحالف الرباعي الذي يضم روسيا وإيران والعراق وسوريا ضد داعش الارهابي.
ليأتي الرد الأمريكي سريعا بتعين المهندس الأمريكي الليبرالي صاحب الأصول النجفية العراقية عماد الخرسان أمينا عاما لمجلس الوزراء وكأنه يحمل رسالة تهديد أمريكية للعبادي عليك الالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين الولايات المتحدة وبغداد والا فان البديل موجود وسيكون من اليوم مرافق لك في مكتبك !!
ومن هنا نفهم تردد العبادي وتصريحاته المتناقضة في أن التحالف الرباعي يخيف أهل السنة في العراق !! وبالتالي سيجعله يعيد الحسابات ألف مرة قبل دعوة الروس بالدخول في العراق لانه أصبح منطقة نفوذ أمريكي خاصة بعد التواجد الروسي في سوريا وامكانية انشاء قاعدة روسية دائمة فيها وهذا ما يزيد القلق الأمريكي والتركي والسعودي ويجعلهم أكثر اصرارا بالعودة في ترتيب البيت العراقي ولكن على طريقة العم سام …
هل سيبقى القرار السيادي العراقي رهين الارادة الخارجية أم سيكون للعراق حكومة وشعبا رأي آخر ..