في ندوة من العيار الثقيل ، عقدها ملتقى الشربيني الثقافي بشبين القناطر ، استضاف فيها الكاتب والمفكر نبيل عبدالفتاح، وحضرها حشد من ألمع الكتاب والمبدعين، من داخل محافظة القليوبية وخارجها ..طرحت الأسئلة الصعبة التي لا تزال بلا إجابة، حول الثقافة والفكر والدين والمرأة.. والاستنساخ والروبوت ومستقبل رجال الدين والمؤسسات الدينية. وتحديدًا أين نحن مصريًا وعربيًا من التحول والتغير الذي يجتاح العالم في العصر الذي يسميه نبيل عبد الفتاح عصر العاديين الرقمي؟
اقرأ أيضا:
-
ملتقى الشربيني الثقافي ناقش مؤلفات ثمانية مبدعين (2)
-
ملتقى الشربيني الثقافي يخالف ثقافة الاحتفال بالموت عند القدماء بتكريم عطاء الأحياء
-
محمود الشربيني يكتب: أخطر رجل في مصر
وفي الندوة التي أدارها مؤسس الملتقى الكاتب الصحفى محمود الشربيني وشارك فيها اكثر من ثلاثين مثقفا مهمومون بالشأن العام ، قال الشربيني أن هذه الندوة تمثل بالنسبة له نوعا من المواجهه والتحدي ، فنحن نبحث عن شمعة نور تقاوم العتمة ،وتحدي الظلاميين والجهلاء الذين تجندهم جماعات وتجعلهم يصعدون إلى منابر الخطابة وهم من دون علم أو فهم .. ويروجون للعلاج ببول الإبل ويعتنقون أفكارًا مثل ارضاع الكبير ،بزعم أن المرأة عورة، لايحل لها لقاء الغرباء إلا إذا كانوا أخوة لها ، مايعني وجوب ان تتحول الأمة إلى مزرعة كبري للارضاع حماية للمرأة من الفتنة ، متجاهلين أن هذه الوسيلة نفسها أكثر فتنة!
– وأوضح الشربيني أن الملتقى يسعى دائمًا إلى استضافة كتاب ومبدعين ومفكرين من العيار الثقيل ، ليصافحوا وجوه الناس في القري والنجوع والأرياف، ويتحدثوا اليهم ،واسعدنا ان يلبي نبيل عبد الفتاح الدعوة ، وان يقدم لنا هذه المحاضرة بعنوان “تحولات الثقافة والمثقف فى عصر الذكاء الصناعى ومابعد الانسان” .
فى بداية حديثة قال نبيل عبد الفتاح :بعد انهيار كل نظريات مابعد الحداثة .. وظهور ما أسميته عصر المابعديات والسيولة الذي يجمع بين الماسبق المستمر، والجديد الذي مايزال سائدا في القيم والأخلاقيات والصداقة والحب والجنس والزواج والعلاقات الموازية ..لاتزال حالة السيولة قائمة في المرحلة الانتقالية الحالية، وذلك ريثما تتبلور وتتشكل الظواهر الجديدة في عالم السرعة الفائقة ، وقد بدأت مؤشرات هذا التحول .
أصعب الأسئلة
وقال عبد الفتاح انه في ظل هذا العصر الذي يعاني من الاختلالات البيئية والاحتباس الحراري ، وفى ظل التحول المذهل إلى عالم الأناسة الروبوتية تثور عدة أسئلة أولهاحول الوضعية الانسانية فى تحولاتها وفي وجودها وطبيعتها وفعلها في الحياة وأنماط تفاعلاتها ،ومادور المثقف ورجل الدين والمؤسسات الدينية في هذه التحولات ، منوها بأن هناك الكثير من الاسئلة لايزال مسكوتًا عنها من قبلها .
وقال ان التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري كشفت عن اختلالات خطرة على الحياة الانسانية ، وأثرت على مسارات الثقافة الأنسانية ،وبين ان الطبيعة ردت على هذا التوحش الإنساني و الاستغلال المفرط للبيئة ،بانتاج فيروسات متحورة ،وهناك مخاطر محتملة من ظهور جوائح فيروسية أخري لاتزال غامضة.
وقال أن هذه المخاطر سوف تؤثر في مسارات تطور الثقافات الانسانية على نحو قد يؤدي إلى زوال مناطق بأكملها فى جغرافية العالم ، واحداث تغييرات اقليمية وجيوسياسية وجيو دينية وجيوثقافية ..و تحولات ثقافية وسلوكية كالتي حدثت في المجتمعات المتطورة نتيجة جائحة كورونا .
المتغيرات المناخية وتأثيراتها الثقافية
وقال نبيل عبد الفتاح ان المتغيرات المناخية وتفاعلاتها ايضاستؤثر في العقل الإنساني، ولن يعود الإنسان مركز الوجود في الفلسفة وفى الفكر ، قبل التغير في بُنَى الافكار الموروثة مع الحداثة ومابعدها، ولاشك أن هذا سوف يؤثر على الحالة الدينية في عالمنا بكل مكوناتها الدينية والمذهبية وخاصة مع التحول الى عصر الأناسه الروبوتية ومابعد الإنسانية.
التأثيرات الثقافية على الغذاء والتدين الشعبي
وتطرق عبد الفتاح إلى اشكال آخري من اشكال التأثير الثقافي للعصر الرقمى ، والتي ظهرت في ثقافة الغذاء والدين والتدين الشعبي والتدين الاستعراضي
وفي ثقافة الغذاء تحدث عن الافراط في استخدام الحيوانات والطيور والأسماك وغيرها دون النظر لمخاطر اختلال التوازن البيئي في هذه البلدان كثيفة السكان ، حيث ادخلت مكونات ونكهات واصناف جديدة على الأطعمة ،من دون الاهتمام بتأثيراتها المرضية ، فظهرت أمراض جديدة ، على نحو ماأشير من علاقات أولية بين مكونات الأكل ونقل فيروس كورونا في الصين .
ثم انتقل للحديث عن تأثير ذلك على الدين كمكون ثقافى فرصد انه مع بروز ازمة المناخ انتبه بعض رجال المؤسسات الدينية إلى اهمية مواجهة مشكلة تغير المناخ. وذلك بعدما أصبحت جزءا من اهتمامات النظام العالمى ،و رغم هذا الانتباه الا أن الأسئلة التى يطرحها التغير المناخي والاحتباس الحراري والفيروسات المتحورة لم تزل مسكوتًا عنها. من قبل المؤسسات الدينية الكبري والوطنية أيا كانت دياناتها أو مذاهبها الخ. رغم إنها تمس الأساس الميتاوضعى للدين كثقافة.
والثاني يتعلق بالثورة الجينية والاستنساخ البشري والحيواني ومألاته المستقبلية
والثالث يتعلق بماذا كانت الروبوتات بوصفها آلات ذكية. تفكر وتعمل من خلال التنظيم الانساني في مراحلهاالاساسية. ثم تحولاتها إلى التفكير الذاتي دونما مدخلات معلومات بشرية
وتساءل :ما دور رجل الدين والمؤسسات الدينية في ظل أداء الروبوتات لهذه الوظيفة بكفاءة؟ ثم ماهو مستقبل. هذه المؤسسات الوظيفية
نهاية رجل الدين التقليدي
وواصل نبيل تحليله للواقع الثقافى الديني فتحدث عن العصر الرقمي الذي نعيشة ، والذي في ظله تزايدت عمليات التحول من الاعتقاد إلى الالحاد ( في مجتمعات عربية مسلمة واقليات مسيحية) وشدد عبد الفتاح على إن الأفكار الدينية لاتزال تعيد انتاج ذاتها وايمانها المطلق بسردياتها وخطاباتها الوصفية التاريخية النقلية ( مستثنيا بعض التغيرات التي طرأت في الاطار البروتستانتي والكاثوليكي رافقت مجيء بابا الفقراء القادم من عالم لاهوت التحرير الاميركي اللاتيني.
وتوقع عبد الفتاح ان تؤدي صدمة عالم الرقمنة إلى حركة ما في اللاهوت والفقة ، بل و”نهاية رجل الدين التقليدي النقلى. متوقعا حدوث مخاضات عنيفة في الأفكار ورفضها، وان العنف الرمزي سيمتد الى السلوك الاجتماعى لجماعات المؤمنين .
وواصل عبد الفتاح طرح اسئلته الصادمة فقال : اين نحن مصريًا وعربيًا من هذه التحولات؟
أكد عبد الفتاح أن حالنا الديني الثقافى في وضعية مأزومة ( جمود الفكر النقلى الوضعي. والجماعات المتطرفة فضلا عن اختراق الفقه النقلى. المتشدد والطقوس الشكلانية على السلوك الاجتماعى وعلى الفعل والاعتقاد الديني (الاسلامي- الارثوذكسي) .
تغير في أنماط التدين
و شرح ماحدث من تداخل بين أنماط التدين الرسمي والسلفيين والاخوان وتدين الراديكاليات الاسلامية الاخري. مع التدين الشعبي. وأشار إلى تشكل نمط من التدين العنيف. الشكلاني الطقوس،الاستعراضي الأسلوب. واقنعته وتجاوزه للتدين الفردي الأكثر عمقًا ..وتداخلت المرويات مع الأساطير والثقافة الشعبية وبرديات الاصول الدينية التأسيسية والتاريخية. في خلطة أدت إلى التغير في أنماط التدين الشعبي. وان كان لايزال هناك بعض الاعتدال الديني.
ثقافة الاستعراض الديني
ويضيف :أصبح الاستعراض الديني الرقمي والفعلي قناعا يخفي الإزدواجية. والمخاتلة حول الذات الحقيقية وسلوكياتها ومضمراتها الخفية. وفى نظام الزي للمرأة واللحى وتديين اللغة اليومية .هذه الثقافة الاستعراضية باتت تعبيرا اختزاليا عن هوية الفرد .
من ناحية أخري ادي تدهور الاوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم الى تحريك مستويات ومؤشرات العنف الاجتماعى والأسري. وكلها تعبيرات عن الانفصال بين النخب ومايجري وراء السطوح المجتمعية وشكلياتها ومظاهرها وبعض طقوسها وبين خبايا المجتمع
المرأة الرقمنة
أدت ثورة الوسائط الاجتماعية الاتصالية إلى تغير في بعض عناصر المكونة. للإدراك الجمعى حول المرأة وأدوارها والثقافة المجتمعية حول المرأه على عديد من المستويات.
منوهاً بإن معايير الجمال اختلفت.. فالجمال العادي حل محل الايقوني. والسبب التريند و اللايكات و الأموال.
وقال ان ثورة الرقمنة ادت الى سقوط عصر النجوم اللامعة ( بتعبير هيكل) بمعني سقوط عصر الأيقونات في السياسة. والجمال الأنثوي وملكات الجمال. فقد تحول الجمال إلى سلعة وموضة جمالية. وهذا التوجه لم يعد قاصرا على الأثرياء وانما امتد للطبقة الوسطى .
نون – القاهرة
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدول