نون والقلم

د. وليد عتلم يكتب: فجوة الغذاء العالمية

في تقريره لعام 2014 حول الأمن الغذائي في الدول العربية؛ يشير التقرير السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (AFED) إلى أن الدول العربية تستورد نحو نصف حاجتهم من المواد الغذائیة الأساسیة، وأن الحبوب الأساسیة  تمثل نحو 63% من إجمالى الواردات الغذائیة الرئیسیة للدول العربیة بتكلفة تقدر بـ 56 ملیار دولار ویتوقع أن تقفز تكلفة واردات الغذاء إلى 150 ملیار دولار بحلول عام 2050 .

ووفقا للتقریر تحتل مصر المركز الأول بین الدول العربیة في فقد الأغذیة وتبدیدها بمعدل جاوز90كيلو جراماً لكل نسمة من السكان فى السنة الواحدة، لتتجاوز بذلك المتوسط العالمي المقدر ب 76ـ كجم لكل نسمة سنویا، وأرجع التقرير السبب في هذا الهدر كما أظهر التقریر إلى غیاب السیاسات والآلیات الحدیثة فى عملیات الزراعة والحصاد والنقل إضافة إلى وجود مشكلات فى عملیات التسویق والتسعیر المحلي، وكذلك منظومة الري التقليدية في كافة أنحاء مصر.

الان وفي خضم الأزمة الروسية الأوكرانية، وما نتج عنها من هشاشة سلاسل الإمدادات الغذائية، وتقلب أسعار الغذاء، وعلى نحو مماثل للأحداث والتداعيات التي رافقت الأزمة الغذائية العالمية في 2007-2008 والتي نتج عنها زيادة فاتورة الواردات الغذائية للدول العربية بأكثر من الضعف، وفي ظل الأزمات العالمية المتلاحقة، والتي يزيد من وطأتها النمو السكاني المتزايد دون ضابط أو رابط، ويضع ضغوطاً كبيرة على الموارد المائية والزراعية المحدودة، كما يزيد أيضاً من الاعتماد على الاستيراد لتغطية الفجوة الغذائية، تبدو الحاجة ملحة لتحول سريع نحو «الاقتصاد الأخضر».

والاقتصاد الأخضر هو مصطلح مستحدث من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة يهتم بتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة البشر، لكن في الوقت نفسه يهتم بالحد من المخاطر البيئية، والحاجة للاقتصاد الأخضر ظهرت عام 2008، حيث أطلقت الأمم المتحدة عام 2008 مبادرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر لمواجهة أزمة الغذاء والمناخ الناجمة عن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية عام 2007، وما تبعها من كساد وتردي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وفقدان الاقتصاد العالمي لملايين الوظائف آنذاك.

وكذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتفاقم الآثار السلبية للتغيرات المناخية. لذلك اتجه العالم للتحول إلى الاقتصاد الأخضر لتحقيق الأمن الغذائي لنحو أكثر من 9 مليار نسمة على مستوى العالم بحلول عام 2050، كما يساهم بشكل كبير في سد فجوة الغذاء العالمية، حيث يلعب دوراً رئيسياً في دعم الأنظمة الحديثة للري والزراعة المستدامة والتي تعمل على الحفاظ على البيئة وزيادة الانتاجية من المحاصيل الرئيسية لمواجهة مشكلتي ندرة المياه والأمن الغذائي.

مصر بدأت التحول الفعلي نحو «الاقتصاد الأخضر»، حيث تم توجيه 14% من إجمالي الاستثمارات العامة لمشروعات الاقتصاد الأخضر بموازنة 2020/2021، وبلغت قيمة محفظة مصر من المشروعات الخضراء المؤهلة 1.9 مليار دولار حتى سبتمبر 2020، منها 16% في مجال الطاقة المتجددة، و19% في مجال النقل النظيف، و26% في مجال المياه والصرف الصحي، و39% في مجال الحد من التلوث.

كما تستهدف الحكومة تحسين تنافسية مصر في مؤشر الأداء البيئي من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء الممولة حكوميًا إلى 50٪ بحلول عام 2025. كذلك كان المشروع القومي لتبطين وتأهيل الترع للحد من الفواقد المائية وتحسين منظومة الري والاستغلال الرشيد للموارد المائية المصرية، لذلك؛ فالتحول للاقتصاد الأخضر ضرورة لا رفاهية، قمة الأمم المتحدة للمناخ كذلك  خطوة هامة في طريق تعزيز مفاهيم الاقتصاد الأخضر، وتعميق أركانه في مصر.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى