نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: موقف العرب من الحرب الروسية الأوكرانية

الحرب في القانون الدولي مثل الطلاق في الإسلام أبغض الحلال.. والقانون الدولي شرع الحرب في حالة واحدة وهي الدفاع عن النفس.. ومن هنا أصبحت الحروب في العالم من الكبائر وأصبح يمكن محاكمة من تسبب فيها بتهم تبدأ بارتكاب جرائم حرب أو العدوان وهو الأمر الذي منحه القانون الدولي الاختصاص فيه للمحكمة الجنائية الدولية.

اتكلم هنا بمناسبة الحرب التي اندلعت يوم الخميس بين روسيا وجارتها أوكرانيا وهي حرب عبثية بلا جدال.. فروسيا تعتقد أن عندها الحق في الدفاع عن نفسها وأمنها القومي، فالهجوم جاء بعد أيام من إعلان بوتين أن موسكو تعترف رسميًا بدونيتسك ولوغانسك اللتين أعلنتا نفسيهما جمهوريتين مستقلتين في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، وأمر بنشر القوات الروسية هناك تحت مسمى حفظ السلام وامتدت الأراضي التي اعترف بها بوتين إلى ما وراء المناطق التي يسيطر عليها أنصار الدولتين المنفصلتين.

وفور دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا قامت الدنيا ولم تقعد وتبارت الولايات المتحدة وأوروبا في التنديد بها وإدانة روسيا. وفرض عقوبات عليها وتم الكشف عن الأسباب التي دفعت الرئيس الروسي إلى اتخاذ قرار الغزو وعلى رأسها منع التقارب الغربي مع أوكرانيا ودعم الانفصال. والأمر الثالث هو ما يقوله أن القائمين على الحكم في أوكرانيا هم من النازيين الجدد وهو ما نفاه الغرب بدليل أن الرئيس الأوكراني يهودي الديانة.

هذه الحرب في الحقيقة صراع بين روسيا التي تريد استعادة موقعها في العالم كقطب قوى خصوصا بعد المظهر الذي ظهرت به الولايات المتحدة الأمريكية أثناء انسحابها العشوائي والمتسرع من أفغانستان مما أكد للجميع أن واشطن في أضعف أيامها وهو أيضا ما ظهر في التردد الأمريكي في اتخاذ موقف من الحرب في أوكرانيا والذي عبر عنه الرئيس الأمريكي بايدن يوم الخميس الماضي.

كما أن لهذه الحرب علاقة بإمدادات الغاز إلى الغرب وتفاقم التوتر بسبب أزمة الطاقة الأوكرانية المتفاقمة. التي تعتقد كييف أن موسكو أثارتها عن قصد. وتعتبر أوكرانيا خط أنابيب «نورد ستريم 2» المثير للجدل. الذي يربط إمدادات الغاز الروسية مباشرة بألمانيا. تهديدًا لأمنها القومي وبعد طلبات من الرئيس الأوكراني والإدارة الأمريكية أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز. إنه سيوقف المصادقة على خط الأنابيب بعد قرار بوتين بإرسال قوات إلى أجزاء من شرقي أوكرانيا.

فهذا الخط كان سيؤدى إلى مد أوروبا بالغاز الطبيعي الضروري لتشغيل محطات الطاقة هناك. ووقف الخط كان جزءًا من الغضب الروسي على أوكرانيا بجانب الغضب التاريخي. من محاولة الغرب ضم أوكرانيا إلى حلف الأطلسي، وهو ما يرفضه الروس تماما باعتبار أن الأوكرانيين والروس شعب واحد.

هذه الحرب لها آثار خطيرة على الغرب وعلى موازين القوى في العالم، فالخيوط فيها تتشابك وتتداخل فيما بعضها وسوف ينتج عنها إما عودة روسيا إلى مكانتها التي افتقدتها بعد حل الاتحاد السوفيتي كقطب قوى في العالم ويقابله أضعاف للولايات المتحدة في حالة التحالف بين روسيا والصين، وهنا يمكن أن سيعود التوازن للعالم.

ويبقى سؤال مهم أين سيكون العرب من نتائج هذه الحرب؟ هل سنعود للعمل الجماعي أم ستظل كل دولة تبحث عن مصلحتها دون النظر إلى مصالح الدول العربية الأخرى. وبالتالي تستمر حالة التشرذم التي نعيشها وكانت النتيجة حرب أهلية في 4 دول عربية ودولة مازالت تحت الاحتلال.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى