نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: العرب وتداعيات الصراع الروسي الأوكراني

تزايدت في الأيام الأخيرة وتيرة الأحداث للمواجهة الروسية الغربية على الساحة الأوكرانية بعد اعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونتسيك ولوجانسك عن أوكرانيا، وبات العالم مقبلاً على توترات وربما تغيرات هامة.

كل المشاهد والأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام من الحدود الروسية الأوكرانية تستحضر شبح ثلاثينيات القرن الماضي قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، والتي كانت أكبر حرب ضروس عرفتها البشرية، ودارت رحاها في البداية في قلب أوروبا، ثم امتدت شرقاً وغرباً لحسم القوى الكبرى نفوذها على العالم، بعد أن خلفت ملايين القتلى بخلاف التدهور الاقتصادي الذي أصاب العالم.

فقدت دول كثيرة بنيتها الكاملة وثرواتها البشرية والاقتصادية، وانتهت الحرب بمعسكرين شرقي يقوده الاتحاد السوفيتي وآخر تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وشهدت العلاقة بينهما توترات كانت تسمى بالحرب الباردة حتى سقوط الاتحاد السوفيتي في نهاية عام 1991، وتسيطر الولايات المتحدة على النظام الدولي الذي عرف بنظام القطب الواحد.

ومع تصاعد قوى عاتية جديدة مثل الصين وروسيا وألمانيا، ومع تخوف الولايات المتحدة الأمريكية من التقارب الروسي الألماني بسبب العلاقات الاقتصادية الكبيرة بين البلدين، وخط الغاز الروسي إلى ألمانيا، وكان على أمريكا أن تعمل على خلق قضية تحدث خلافاً شديداً بين روسيا والقارة العجوز، ولم تجد أفضل من أوكرانيا إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق والتي تتشارك في حدود كبيرة مع روسيا، لمغازلتها ومحاولة ضمها لحلف شمال الأطلسي – الناتو- الذي يشكل أكبر تهديد عسكري لروسيا.

لا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية تعي أن هناك قوى صاعدة مثل الصين وغيرها. تهدد بتشكيل نظام عالمي جديد، مما يهدد مصالحها وتراجعها. وتحاول أن تخضع أوروبا تحت وطأة التهديد الروسي والتأكيد من جديد على قدرتها وتفوقها. وتلاحظ خلال الفترة الماضية التصعيد والتضخيم السياسي والإعلامي الأمريكي للأزمة، والتأكيد على أن روسيا سوف تغزو أوكرانيا لبث الذعر في أوروبا وهو أمر نفته موسكو أكثر من مرة.

وأكد الرئيس الروسي بوتين أن القضية تكمن في محاولة ضم أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي، وأن تأجيل الانضمام بشكل شفهي لن ينزع فتيل التوترات بين بلاده والغرب، وكل ما تريده روسيا هي ضمانات حقيقية بعدم دخول أوكرانيا إلى عضوية الناتو، ووقوع روسيا تحت التهديد المباشر على حدودها الغربية.

وبرغم اعتراف روسيا بالانفصاليين في أوكرانيا، إلا أن المناورات بين كل الأطراف سوف تستمر لمدة طويلة. ولن تحسمها إلا الجوانب السياسية والاقتصادية وقدرة روسيا على تحمل المزيد من العقوبات. مقابل تحقيق أهدافها الاستراتيجية في أوكرانيا وترسيخ نظام دولي جديد متعدد الأقطاب.

في ظل ما يشهده العالم من توترات وتغيرات يجب على العالم العربي أن يستفيق من سباته ومن تبعيته. التي رضخ لها وارتضاها لسنوات طويلة وبات مفعولاً به في شتى القضايا الدولية والإقليمية. وأهدر كثيراً من ثرواته في الحروب والصراعات التي انجرف إليها وكانت معظمها من صنيعة قوى كبرى.

وبحسبة بسيطة نجد أن العالم العربي يمتلك ثروة اقتصادية وبشرية. وموقعاً استراتيجياً يؤهله أن يكون إحدى القوى الهامة التي تلعب دوراً مؤثراً في النظام الدولي الذي يتشكل في هذا العقد. شريطة أن تكون لديه رؤية ويراقب ما يحدث على المسرح الدولي. وأن تكون لديه إدارة واستراتيجية للعمل العربي المشترك بعيداً عن العمالة والتبعية.. إذا أراد حقاً أن يكون على خريطة النظام الدولي الجديد.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى