نون والقلم

وليد عتلم يكتب: الوفد يرسخ مبادئ الديمقراطية في الجمهورية الجديدة

أعلن المستشار بهاء الدين أبو شقة رئيس حزب الوفد دعوة الهيئة الوفدية العادية للانعقاد يوم «الجمعة» الموافق 11 مارس القادم لانتخاب رئيس الحزب ومناقشة التقرير السياسي لرئيس الحزب والتقرير المالي لأمين الصندوق وتقرير مراقب الحسابات.

يقول موريس ديفرجيه عالم السياسة وأستاذ القانون الفرنسي أن «الانتخاب هو قاعدة النمط الديمقراطي». وعلى الرغم من أن «ديفرجيه» يرى أن الأحزاب السياسية تتسم بالتناقض والازدواجية كونها ذات مظهر ديمقراطي وواقع أوليجاركي. إلا أنه عاد ليؤكد على أن الديمقراطية لا تزال هي العقيدة والمعتقد الأهم في العالم الحاضر كونها تمنح الشرعية للسلطة. وهو ما يدفع الأحزاب السياسية لوضع الديمقراطية في عين الاعتبار.

ولما كانت المشاركة هي الجوهر ومعيار الديمقراطية داخل الأحزاب. حيث المشاركة في انتخاب/اختيار القادة والمرشحين وصنع السياسات تمثل معياراً مفسراً لمدى ديمقراطية الأحزاب من عدمها. هذا إلى جانب تحليل أنماط توزيع السلطة داخل الأحزاب السياسية، فقد اتفقت غالبية الدراسات ذات الصلة بالديمقراطية داخل الأحزاب السياسية على أن قياس مدى مشاركة الأعضاء في اختيار كل من قادة ومرشحي الحزب وكذلك صنع السياسات والقرارات، والكيفية التي يتم بها توزيع السلطة داخل الهياكل التنظيمية للأحزاب هي المؤشرات الأكثر شيوعاً لقياس الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية.

ونظراً للأهمية الكبيرة التي أصبحت عليها الديمقراطية داخل الأحزاب. من جانب مستوى التحليل الكلى للديمقراطية على مستوى الدولة. حيث الإجماع الكبير على أن الأحزاب السياسية هي مؤسسات رئيسية لتحقيق الديمقراطية. إذ اتجهت غالبية الدراسات إلى الاعتقاد بأن الديمقراطية داخل الأحزاب تساهم سلباً وايجاباً في مدى الديمقراطية على مستوى الدولة. حيث تعمل على تعزيز الشرعية الديمقراطية للنظام السياسي كونها توفر للمواطنين شعوراً بالفاعلية يشجع على المشاركة السياسية.

وعلى مستوى التحليل الجزئي فإن الديمقراطية داخل الأحزاب تساهم في الوجود الكفء للأحزاب. حيث الحزب غير الديمقراطي هو حزب متجمد غير فاعل يصل إلى نقطة الثبات. غير جاذب لقيادات وأعضاء جدد، ومن ثم غير قادر على مواجهة التحديات والمنافسات السياسية الجديدة

الوفد هو الحزب الوحيد الآن الذي لايزال يعتمد الانتخاب كآلية ديمقراطية لانتخاب رئيسه وهيئته العليا ومكتبه التنفيذي، كأحد محددات الديمقراطية الداخلية للحزب، وهو مستمر في ذلك النهج الديمقراطي – الذي قد تتفق معه في بعض الأحيان وقد تختلف. لكنه لا بديل عنه كونه نابع من طبيعة الوفد الليبرالية – منذ وفاة سعد زغلول في عام 1927.

فرغم أن النحاس كان سكرتير عام حزب الوفد عند وفاة سعد زغلول، إلا أن ذلك لم يكن يعنى أنه المرشح المؤكد فوزه لمنصب رئيس «حزب الوفد» وخلافة سعد زغلول. وكان المرشح الأوفر حظا في البداية هو فتح الله بركات، ابن أخت سعد زغلول. والذي يتمتع بتاريخ وطني لا يقل عن أي شخص آخر.

بركات كان يحظى بدعم النخبة التقليدية في قيادة حزب الوفد من أقرانه من ملاك الأراضي الزراعية. أو ما يطلق عليهم «الأعيان أصحاب الأطيان». في المقابل، كان مصطفى النحاس من أبناء الطبقة الوسطى الصاعدة من الأفندية المحامين في ذلك الوقت. وكان لوقوف شباب المحامين وغيرهم من طبقة الأفندية كأحمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي في صف النحاس. الأثر الكبير في فوزه على فتح الله بركات.

وهكذا دائماً ما تتسم الانتخابات الوفدية بالتنافسية الشديدة التي قد تصل حد الصراع داخل الحزب. لكن رغم ذلك ظل الوفد قائماً ومستمراً كأحد أبرز رموز الليبرالية المصرية.

قيادة الأحزاب السياسية هي قضية سياسية تثير الجدل البحثي شأنها في ذلك شأن التنظيمات السياسية المختلفة. العديد من الدراسات تذهب إلى أن فاعلية وحيوية أي حزب سياسي فيما يتعلق بمساهمته في تعزيز الديمقراطية يتوقف بشكل كبير على قياداته. حيث يتوقف أداء الحزب في الانتخابات العامة الوطنية والمحلية والتي قد ينتج عنها وصوله للسلطة والمشاركة في الحكومة على مدى الرؤية التي يتمتع بها قادته. هذه الرؤى التي تُعظَم من دور قادة الأحزاب تستند إلى أن صعود أو هبوط أي حزب في سلم ترتيب أهدافه يقترن اقترانا وثيقاً بطبيعة كادره القيادي، وهي رسالة هامة لجموع الوفديين؛ فالقيادة احتكمت إلى الديمقراطية وفقاً للائحة الحزب الداخلية، وعلى القواعد والهياكل التنظيمية، أما وأنهم قد احكتموا للديمقراطية من أجل الاختيار، عليهم في المقابل القبول بنتائج الاختيار الديمقراطي والحفاظ على وحدة الحزب، والفخر بقيمة حزب الوفد وايجابية الاستمرار في ذلك النهج الديمقراطي والعمل على تحسينه والترويج له كنموذج للحزب الذي يبدأ بنفسه في إقرار الديمقراطية داخلياً قبل أن ينادي بها على المستوى العام. وما لذلك من أثر كبير في ترسيخ الثقافة الديمقراطية، فالأحزاب التي تمارس ما تعظ به، أي التي تستخدم إجراءات الديمقراطية الداخلية في مداولاتها وقراراتها، تعزز الثقافة الديمقراطية بشكل عام.

المشاركة الواسعة في انتخابات مارس والحفاظ على مسارها هي رسالة تأكيد من حزب الوفد على الطابع الديمقراطي العام لـ الجمهورية الجديدة؛ فالمشاركة في العمليات الديمقراطية المختلفة داخل الأحزاب يشار إليها كعامل يؤكد على القيم الديمقراطية داخل المواطنين الذين هم بحاجة للتدريب والخبرة في الديمقراطيات صغيرة النطاق كالأحزاب من أجل بناء ديمقراطية مستقرة على المستوى العام.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى