نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: عالم القطب الواحد

تعقد غدا في بروكسل القمة الأوروبية الإفريقية، وهناك قضايا متعددة وشائكة تفرض نفسها على جدول أعمالها، لعل أبرزها الهجرة والمناخ ولقاحات كورونا والأمن وغيرها من القضايا التي تحدد مصداقية القارة العجوز.

لا شك أن العالم يمر بمرحلة دقيقة من الصراع الدفين بين قوى كبرى متعددة للخروج من عالم القطب الواحد والهيمنة الأمريكية إلى عالم متعدد الأقطاب، تلعب فيه روسيا والصين وفرنسا وألمانيا أدواراً هامة على المسرح الدولي مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

وهناك الكثير من الرؤى الاستراتيجية التي تؤكد على أن العالم مقبل بالفعل على انتهاء مرحلة القطب الواحد. التي تسيدتها الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من ثلاثين عامًا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.. ومع صعود القوة الروسية اقتصادياً وعسكرياً في العقد الأخير وأيضاً الصعود الصيني الكبير اقتصادياً وعسكرياً، وتشكيل تحالف استراتيجي تجاه هذا الهدف، بجانب تباين الرؤى في كثير من القضايا بين دول الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا وألمانيا مع سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، وما تتركه من أزمات كان آخرها صفقة الغواصات الفرنسية إلى أستراليا التي أفسدتها واختطفتها الولايات المتحدة، وسببت أزمة شديدة بين الدولتين، كما أن الأزمة القائمة بين روسيا وأوكرانيا التي تشغل العالم الآن ما هي إلا تأكيد على أن روسيا ترفض سياسة القطب الواحد.

مؤكد أن قادة إفريقيا الذين يجتمعون غدا وبعد غد في العاصمة البلجيكية بروكسل مع قادة أوروبا يقرأون المشهد الدولي جيدًا، والصراع الدولي المحموم على قارتهم التي تزخر بكنوز الموارد الطبيعية التي يسعى إليها الجميع، كما أن أوروبا تحديداً لديها التزام أدبي وتاريخي تجاه إفريقيا التي استعمرتها لعقود طويلة، واستنزفت مواردها وسخرت شعوبها لبناء حضارتها واقتصادها.

التاريخ يزخز بالكثير والكثير عن الحقب الاستعمارية، وما خلفته لشعوب ودول القارة الإفريقية التي لا تزال تعاني من نفس السياسة. وتجلت بوضوح في تعامل أوروبا مع إفريقيا في أزمة كوفيد- 19. سواء من حيث توفير اللقاح أو تصنيعه أو النتائج والآثار السلبية التي خلفها على القارة. وتسبب في ارتفاع ديونها لأكثر من 700 مليار دولار. وفقد آلاف الأرواح لعدم قدرة القارة على تصنيع اللقاح أو الحصول عليه بسبب السياسة الاحتكارية الأوروبية التي تهدف للربحية.

نفس الأمر ينطبق على قضية المناخ التي باتت تؤرق العالم المتحضر ويبحث لها الآن عن حلول. ويحاول فرض ضوابط دولية للحد من الانبعاثات الحرارية التي وضعتها قمة باريس السابقة. على الرغم من أن هذه الظاهرة كان السبب فيها هي الدول الصناعية الكبرى. والعالم المتقدم بسبب الثورة الصناعية والتفجيرات النووية وتوحش العالم المتقدم في تحقيق أكبر قدر من المكاسب، وكانت إفريقيا أكثر القارات تضررًا بسبب زيادة مساحات التصحر وزيادة معدلات الفقر.

على قادة إفريقيا أن يكونوا أكثر وضوحًا وصراحة وتشددًا مع قادة أوروبا في ظل عالم يسير نحو تعدد الأقطاب. وما زالت هناك حاجة شديدة إلى ثروات إفريقيا الطبيعية والبشرية والجيوسياسية. للوصول إلى شراكة حقيقية بين أوروبا وإفريقيا وتحديدًا في الجانب الاقتصادي من خلال توطين الصناعة في القارة السمراء. والحق في نقل هذه التكنولوجيا في شتى المجالات الصناعية التي تخدم التنمية. وأيضاً إقامة كيانات استثمارية داخل القارة السمراء للاستفادة من مواردها الطبيعية للحد من البطالة والإرهاب والصراعات والحروب، وهي نفس الأسباب التي تؤدى إلى الهجرة غير الشرعية التي تعاني منها أوروبا وتبحث لها عن حلول.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى