أسعدني صديقي المثقف، النائب عمرو عزت حجاج عضو مجلس الشيوخ وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن حزب التجمع، بما كتبه في صحيفة الوفد، يوم الأحد الماضي، عن الزعيم فؤاد سراج الدين.
وسر السعادة هو أن شهادته جاءت محايدة ممن لا ينتمي لـ«الوفد» فكرًا أو عضوية، مما أعطاها قوة ودقة وتأثيرًا في النفوس لو تعلمون عظيم، فنحن أبناء الوفد، ندرك، أنه لولا فؤاد سراج وشخصيته وذكائه وصبره ما كان لـ«الوفد» أن يستمر بسهولة، لأن الرجل واجه أعاصير كثيرة منذ عام 1952، ولكنه عبرها جميعًا بسلام وتمكن من إعادة الوفد للحياة السياسية بعد غياب 25 عامًا كاملة، ولذلك يعتبره الوفديون امتدادًا طبيعيًا لسعد زغلول ومصطفى النحاس.
ما كان يواجهه فؤاد سراج الدين مع الوفد قبل 1952 لا يمثل شيئًا فيما واجهه الرجل بعد ذلك.. لقد قاوم التشريد والمحاكمة، ولكنه وقف صامدًا مناضلًا ليس له سوى هدف واحد هو العودة بالوفد إلى الحياة.
كانت بداية متاعب الرجل هي محكمة الثورة التي استهدفت سمعته وتاريخه، لكنها فشلت في إدانته، ليخرج منها كما دخلها، السياسي النزيه، الذي تولى المناصب الكبرى في حزب الأغلبية، وفي الحكومة، لكنه لم يتربح من العمل العام، فخرج من جلسات المحاكمة أقوى مما كان عليه، واقفًا، شامخًا، رافعًا رأسه وسط الناس.. تعرض للسجن في الستينيات، وتمت مصادرة أمواله وأراضيه وأرصدته قبلها، وانشغل بلقمة العيش فقام بالبحث عن مصدر رزق بعد أن تمت مصادرة أمواله، لكنه لم يمتنع عن التفكير في مصر والوفد!
صحيح اضطر سراج الدين للعمل كخبير تحف ومجوهرات كي يكسب رزقه.. وكان هذا العمل يأخذ منه وقتًا طويلًا.. لكنه لم يتوقف عن الاتصال بالوفديين الذين يعرفهم شخصيًا من الإسكندرية إلى أسوان.. ظل الرجل يقوم يوميًا بتنفيذ هذا العمل المجهد جدًا 25 عامًا متصلة.. منذ يوليو 1952 وحتى أعلن عودة الوفد للحياة السياسية في 23 أغسطس عام 1977.. وقد فعلها وأعاد الوفد بمعجزة.. فقد اتصل بكل الوفديين الذين كان على تواصل معهم كل هذه المدة وقال لهم:«حي على الجهاد» فقالوا له: «يحيا الوفد».
يحكى أن الرئيس الراحل أنور السادات انزعج جدًا من إعلان فؤاد سراج الدين إعادة الحزب إلى الحياة، فاستدعى ممدوح سالم رئيس وزرائه وقتها ووزير الداخلية الأسبق، وسأله: إيه رأيك في حكاية إعادة سراج الدين لـ«الوفد»؟ فرد عليه ممدوح سالم: اللي بيموت ما بيرجعش يا ريس.. فقال السادات: بس فؤاد سراج الدين مش سهل يا ممدوح.. فرد عليه سالم: ما تقلقش يا ريس. فقال السادات: لأ يا ممدوح أنا قلقان علشان كده لازم نمنع الحزب ده من الخروج ونهتم بتنفيذ المرسوم الخاص بعدم جواز عودة الأحزاب اللي كانت موجودة قبل 1952 وبكده نمنع الحكاية دي خالص.
وفعلًا ذهب إبراهيم باشا فرج سكرتير عام الوفد وقتها إلى لجنة شئون الأحزاب لمعرفة سبب رفض تكوين الحزب فقالوا له: «أنتم من الأحزاب القديمة التي لا يجوز عودتها.. شوفوا لكم اسم تاني» فاتصل إبراهيم فرج بفؤاد سراج الدين ليخبره بالسبب الذي من أجله رفضت اللجنة تأسيس الحزب فرد عليه فؤاد سراج الدين: بسيطة.. قل لهم عندنا اسم تاني.. فانزعج إبراهيم فرج وقال له: إزاي يا باشا؟ إحنا لا يمكن نتنازل عن اسم الوفد.. فقال له سراج الدين: يا إبراهيم باشا.. أصبر عليا.. الاسم التاني هو «الوفد الجديد»! وفعلًا كان مخرجًا عبقريًّا للحفاظ على اسم الوفد الذي أراد السادات محوه من الوجود. وتم تأسيس الحزب الذي واجه بطشًا لا مثيل له من السلطة بأوامر مباشرة من الرئيس السادات.
فؤاد سراج الدين سيرة طويلة من العمل من أجل مصر ونضال طويل للحفاظ على الوفد. وهو شخصية عظيمة لها سيرة أبدًا لن تموت.
tarektohamy@alwafd.org
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية