عدت إلى البيت بعد انتهاء يوم عملي، وإذ بأحد صديقاتي تتصل بي، وهي تبكي بشدة، بعد أن صدر لزوجة أخيها قرارًا بحيازة شقتها التي تمتلكها من تعب سنوات كثيرة من عملها، وأخذت تقول لي، وفي صوتها حزن شديد أنها لم تفقد أخًا حنونًا قبل عدة أعوام فقط، بل اليوم تخرج من الشقة التي تمتلكها أيضًا. وقصت علي ما حدث : «قبل وفاة أخيها. منذ أكثر من 7 سنوات. لم تجد مشكلة في الوقوف معه في أي شيء. فهو الأخ الأصغر ذو الأخلاق النبيلة، العطَّاء ذو الجود، عندما تعطي له شيء يزداد قيمة، لم يتأخر يومًا عن مساعدة أحد، من قناعته مساعدة الآخرين، والسعي لقضاء حوائج الناس».
وتسرد كلماتها اللطيفة في وصفه، بأنه محبوب من كل من رآه. فهو واصل للرحم، بارٌ بوالديه. رغم مرضه لم يتأخر يومًا عن الوقوف بجوار أبيه المريض حتى وفاته. شهد له كل من عرفه بـ«الجدعنة» وحسن الخُلق فهو الصديق والصدوق.
وأكملت، أعطيته شقتي عندما طلبها مني بعد زواجه للإقامة فيها بشكل مؤقت بعض الوقت حتى يُرتب أمره للانتقال إلى شقة أخرى، ومرت الأيام والشهور، ومرض مرضًا شديدًا، وانتقل للإقامة معنا في منزل العائلة حتى توفاه الله، بعدها عرضت علي زوجته أخذ شقتي أو التنازل عنها لأطفالها، وعندما رفضت أخذت أطفالها الصغار وتركت منزل الأسرة؛ كعقاب لنا على رفض التنازل عن شقتي لها، واستأجرت شقة بجوار أمها، كانت تُخطط للإقامة فيها قبل وفاة أخي، ثم أخذت منقولاتها من شقتي، وقامت بتحرير محضر ودعوة حيازة تدعي فيها أننا قمنا بطردها من شقة الزوجية، التي هي شقتي وامتلكها، ولم تكن يومًا شقة الزوجية لها، وتصمت قليلا، ثم تتابع كلامها، برغم علمي بقدرتها على الإنفاق وشراء شقة أفضل من شقتي، إلا أنه التحدي والعناد والطمع؛ لعدم التنازل لها عن شقتي، وبعد مرور أكثر من سبع سنوات لحيازتي لشقتي، تحرك المحضر مرة أخرى، ويصدر لها قرار حيازة لصالحها يستند لقانون 44 مرافعات، الذي يُلزم النيابة العامة متى عُرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة، مدنية كانت أو جنائية، أن تُصدر فيها قرارًا وقتيًا مُسببًا واجب التنفيذ فورًا بعد سماع أقوال أطراف النزاع وإجراء التحقيقات اللازمة للتمكين والحيازة لصالحها.
وتصمت صديقتي، ولا أجد ما أقول لها حيث أخذني الحزن أنا أيضًا، يا لقسوة الظروف حين يستغلها بعض البشر، ويحولون كل ما هو جميل إلى شيء يتعذب به الطيبين، فبرغم أن المُشرع وضع هذا القانون للحفاظ على كيان الأسرة، إلا أنه تم استغلاله بشكل غير صحيح باغتصاب الحقوق، والحرمان، وكبح يد المالك عن الاستفادة من مخصصاته وممتلكاته، الأمر الذي يتعارض مع مبدأ الملكية، والذي نص عليه القانون أن «كل فرد له الحق في الملكية الخاصة، بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين، ولا يجوز حرمان أي فرد مما يملكه بصورة تعسفية».
وأتساءل، هل يعقل أن يؤخذ أحد شقه يملكها شخص آخر. تحمل عبء شرائها وتجهيزها، لصالح شخص لا تربطها بها صلة حاليًا؟
صرخة إلى المُشرع؛ للنظر في هذا القانون مرة أخرى، صرخة إلى كل فاعل خير، اعرف حقك.
وللحديث بقية..
باحثة وكاتبة في العلوم الإنسانية وفلسفة الإدارة
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية