من يتابع الإعلام الغربي يعتقد بأن الحرب بين روسيا والغرب ستندلع في أية لحظة، وستأخذ العالم إلى متاهة جديدة، لا يمكن توقع نتائجها.
شحن غير منطقي، وتقارير تتلاحق في كبريات الصحف، حول استعدادات روسية بالقرب من حدود أوكرانيا لغزو محتمل، وأمريكا تهدد، والناتو يهدد، وشحنات الأسلحة الحديثة ترسل على عجل، حتى لا يكون احتلال أجزاء من الأراضي الأوكرانية هدية مجانية للرئيس الروسي بوتين، فهو مطالب بدفع الثمن، فالحرب ليست نزهة، والاحتلال يجب أن يكلّف المحتل.
ويقولون إن العقوبات جاهزة، وستكون قاسية، وقد يكون من بينها التدخّل للدفاع عن أوكرانيا، لكن بدايتها ستكون عقوبات اقتصادية، وحصار للدولة التي تمتد من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في شمال الكرة الأرضية، وبايدن بدأ يتحرّك؛ يبحث عن البدائل للغاز الروسي الذي سيحدث كارثة لأوروبا إذا انقطع، وسيقابل أمير قطر هذه الأيام، ليبحث معه إمكانية توفير ما يسدّ النقص المتوقّع، وقطر لديها عقود طويلة الأجل مع آسيا، وإنتاجها غير قابل للزيادة الفورية، بينما أذربيجان تعرض كمية محدودة من الفائض لديها.
التلويح بالمواجهة هو عنوان كل التحليلات الصادرة عن الإعلام الغربي، والغرب بذاته غير متفق على شكل هذه المواجهة. فهو لا يرغب في خوض غمار حرب تعيده إلى أجواء الأربعينات من القرن الماضي، لأنه يعرف أن حرباً بين الكبار تحرق الأخضر واليابس، وتنشر الدمار والفقر والجوع، وهذا الموقف تحديداً أصبح واضحاً من ردود أفعال المسؤولين الألمان، الذين ينظرون إلى عصر الرفاهية الذي يعيشونه. ويخشون على مصالحهم المتشابكة مع روسيا.
ما تعلّمناه من السياسة يؤشر إلى عكس الظاهر على السطح. فما هذه الحملات الإعلامية والتحركات العسكرية والدبلوماسية إلا محاولة لإعادة ترتيب الأوراق المبعثرة. أما الحرب فهي بعيدة. ولن نشهد غزواً روسياً لأوكرانيا. ولا حصاراً اقتصادية لروسيا. والفوز والهزيمة سيقدّران بناء على حجم التنازلات التي ستقدم في النهاية!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية