في أجواء شتوية غلب عليها الدفء الثقافي والحضور الأدبي، ترافقت مع الاحتفالات بمناسبات عزيزة ( أعياد الميلاد المجيد ..الغطاس السعيد )، واستهلت بعزف السلام الوطني كالمعتاد.
وبأبيات من شعر العامية نظمها السيناريست فتحي سعد وتقول: في الشارع والناس ماشيين /تعرف تقول ده مين وده مين /ده محمد ولا جرجس
دي تريزا ولا أم حسين /الشكل واحد/اللبس واحد /الرب واحد/ مفيش ربين //
اقرأ أيضا:
-
ملتقى الشربيني الثقافي ناقش مؤلفات ثمانية مبدعين (2)
-
ملتقى الشربيني الثقافي يخالف ثقافة الاحتفال بالموت عند القدماء بتكريم عطاء الأحياء
-
محمود الشربيني يكتب: أخطر رجل في مصر
واحد لجرحس والتاني لحسين.. استهل الكاتب الصحفي محمود الشربيني مؤسس ملتقى الشربيني الثقافي فعاليات الامسية الشعرية التي أقامها احتفاء بزهرة جديدة في حديقة الشعر العربي، الشاعر الشاب نور الدين نادر.. الذي صدر له حديثا ديوان بعنوان «لا شيء إلا الفضول».. والذي احتشد لمناقشته كوكبة من شعراء الفصحى والعامية، يتقدمهم الشاعر والباحث في الفلكلور مسعود شومان مدير الإدارة المركزية للشئون الثقافية بهيئة قصور الثقافة .
وقف الحضور دقيقة حدادًا تكريمًا لعطاء الدكتور جابر عصفور والمستشارة تهاني الجبالي والكاتب الكبير إبراهيم حجازي والصحفي وائل الإبراشي والفنان أحمد الحجار والفنانة مها أبو عوف .
صالح: نجم جديد يبزغ في سماء الشعر ويبعث فيه روح التجديد
وتحدث أولا الكاتب الصحفي مجدي صالح فقال: أحييك واهنئك على الديوان الأول، ربما أقول أنه يعطي إشارة للوسط الادبي بأن هناك نجما يبزغ بسماء الأدب، ويبعث فيه روح التجديد بعد عقود من الركود و السنوات القادمة سوف تثبت أن هذا النجم البازغ يستحق ما قلته وأكثر.
وحيا صالح وفاء الشاعر لجده الذي علم الجميع الأدب واللغة والشعر، علم والده الشاعر ووالدته الصحفية وعمته الكاتبة (نهله) وعمه الكاتب (مصطفي)، وهذا ملمح وفاء مهم، لما لهؤلاء من دور مؤثر في تجربة نور الأدبية، كما أنه لم ينس أيضا فضل أستاذه «د. بلبولة».
ولاحظ صالح من خلال قراءته للديوان أن الشاعر مبدع في كتابة الشعر العمودي والشعر الحر، ونوه بقصائده «دموعي» و «رأيت على النيل»، و«أهل الكهف». وأشار إلى الملمح الانساني لديه، والذي تجلى في قدرته على التعبير عن الحالة الخاصة للدجاجة المحبوسة في القفص، منتظره أن توزن وأن يتم ذبحها وتدل على رهافة الحس، وكذلك الجَمَلْ في قصيدة «الجمل لا يركب العربة»، وبالطبع أيضا هناك قصيده «أشجار الحديقة»، هذه الحالة الإنسانية ورهافه الحس وشعوره بالجماد والحيوان والطيور، إحساس عال يؤكد قدرته على رصد اللمحة هذه في هيئة شعر .
شومان: نور ينتمي لأسرة مبدعة خرجت كلها من شجرة الجد الاكبر زكي عواد
الشاعر والباحث مسعود شومان تصدي لقراءة متأنية وفنية ولغوية في ديوان نادر نور من أبرز ملامحها توقفه أولا عند غلاف الديوان وإخراجه، فكال النقد للقائمين على تنفيذه وتصميمه، ثم حيا الحضور واحتفي بالمحتوى الشعري للديوان وقال سعدت بمشاركة عدد من شباب «الدرعميين»، وبمقدم ضيوف أعزاء من أماكن متعددة، وهو يعكس تقديرا للملتقى الخاص بالصديق العزيز محمود الشربيني، الذي أقدم له الشكر على هذا الحضور الكبير في هذا الصالون الثقافي والإبداعي. ونوه مجددًا -كما فعل مجدي صالح – بتأثير الجد زكي عواد، «الذي أعتقد أنهم كلهم خرجوا من شجرته» .
وأضاف منتقدًا التصدير الذي قدم به نادر لديوانه فقال: اختلطت فيه جملته الشعرية بجملة للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، وكان واجبا عدم الخلط .
وأشار إلى أن اختيار «نور الدين» في التصدير للشاعرين ( عبد الصبور والفيتوري ) يعني الانحياز لطريقه ما في الكتابة ولنموذجين شعريين احتفيا بالتفعيلة وانشغلا بالقضايا الكبري، التصدير الأول يبدأ بالسؤال عند صلاح عبدالصبور، صيغة تساؤليه سوف نلاحظها على مدار الديوان كله، والثاني يشير إلى الخروج على الرتابة والمسخ ، الجملة تقول هذا، لنقرأ سويا: (أيها الطيف منفلتا من عصور الرتابه والمسخ، ماذا وراءك في كتب الرمل).
فكرة يتبناها الديوان
فهنا تتجلي فكرة يتبناها الديوان- وهذه ميزه- أن يكون التصدير له علاقة بالديوان. وهذا الاستشهاد يعكس رغبة في الانعتاق من أسر ركام التراث.. وإن كنت اري في بعض التصدير ما يعتبر إثقالاً عليه، مثل ابيات مجدي نجيب وابراهيم رضوان ، فلست مع التصدير والإهداء كحلية ، فيجب ان يكون مكملاً لبنيه الديوان ،الذي رغم صغره يعكس لنا مجموعه من القضايا الكبرى التي تطرح أسئلة في الشعر العربي بشكل عام، لعل منها التعامل مع التراث العربي وايضا التعامل مع التراث الشعبي، ثم اللغة الحديثة التي تعكسها حكايات السايبر ومحل والفراخ وغيرها. ثم التناص مع التراث الديني، واستلهام الايقاع من الآيات القرآنية وبعض الأحاديث. هو ديوان تحرري لم يلتزم بصرامة التفعيلة، وتعامل مع ما يمكن تسميته بالتشكل الصوتي، وفيه هيمنة للأبنية القوية التي تعتمد على التقفيه بوصفها لعبه موسيقية وهذه اللعبة جزء من تعريف الشعر، وقال شومان مخاطبا الشاعر: لعبت جيدًا ومارست هذا اللعب كثيرا جدا ومن أمثلته: يقفز في صمت الندم عرق العدم «أو الفجر الليلة دون صباح وغساق اللون ثقيل ثقل الأرواح» أو بالصبر الكافي بالصمت الوافي «و دخلت للحفاه غنيت للحياة» أو بيني وبين الارض خطوه وريح عاتية .
دلالات أخري
الدال الثاني في الديوان هو دال الشعر يعني الانشغال بالشعر داخل القصيدة أو الديوان يحمل معان متعددة لعل منها الغناء. والشعر يساوي الغناء او يساوي الايقاع، الشعر متعلق دائم بالصوت بالتقفية بالإيقاع كمفهوم واسع بالموسيقى. طول الوقت نحن امام شاعر يلوذ بالإيقاع بوصفه مفهوما متسعا مفهوما مهما جدا للشاعر وعليه ان يتحرر داخله .
ولاحظ شومان إن هناك خلطًا في بحار بعض القصائد بين الرجز والكامل. ما دعا الشربيني للإسراع بالسؤال: هل الخلط عيب في القصيدة؟
وقال شومان: هما بحران لكن هناك شعراء اذكياء يقومون بعمل المقام الموسيقى وينتقلون الى المقام بنعومة. لكن هنا نلحظ أنهما يستتران خلف بعضهما وأنهما قريبان من بعضهما. بحيث لا يشعر بهما غير «الحريف»، و وجب عليه النظر الى الدقة في الوزن .
وعاد الشربيني للسؤال: هل من الطبيعي أن تختلفوا كشعراء في تحديد بحور العروض؟ مثلما لاحظنا؟
واجاب شومان بالإيجاب، وما يحدث في العروض يحدث في «المزيكا». عندما يخرج الموسيقي من مقام لمقام وهو ما أ طلق عليه الفنان محمد شريف لفظ «الكوبري».
شعر.. بنكهة بيتهوفن
والتقط الفنان محمد شريف خيط الحديث فوجه تحية للشاعر على «بلفونية» النص عندك وهذه الكلمة شائعه في كل الفنون والابداع. لأنها تنظر الى التعدد في الاصوات والصور المشهدية التي تحاول رسمها دوما، وقد سمعت لك أكثر من قصيدة. وهذه المرة الأولى لي للاستماع إلى الديوان، فهذه الجزئية جذبت اهتمامي. وادعوك لسماع بيتهوفن ليخرج منك شعر جديد نور الدين ونقده.
نون – القاهرة
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية