عندما تعمي العصبية الطائفية الإنسان فإنه يفقد تركيزه ويصدر منه ما لا يمكن توقعه. حتى يصل به الحال إلى أن يذكر حقائق ووقائع وبدون شعور غايته منها النيل والتنكيل بالطرف الآخر. لكن حقده أوقعه في شر أعماله ويفضح نفسه بنفسه وينقل الحقيقة التي حاول وحسب رؤيته وفهمه المتعصب أن يغيبها؛ كما هو حال القمي وكل من يريد أن يطعن بعرض النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وبالخلفاء –رض- .
فالقمي وهو في حال نقل تفسير سورة التحريم. والتي أراد من خلالها الطعن بزوجة النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- أم المؤمنين حفصة –رض-. بين من حيث يشعر أو لا يشعر أن الخلافة ستكون لأبي بكر ومن بعده لعمر – رضي الله عنهما – . حيث قال القمي في تفسيره لسورة التحريم :
((وقال علي بن إبراهيم: كان سبب نزولها أن رسول الله كان في بعض بيوت نسائه. وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه، وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها. فتناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) مارية. فعلمت حفصة بذلك فغضبت وأقبلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله هذا في يومي وفي داري وعلى فراشي، فاستحيا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: كفي فقد حرمت مارية على نفسي ولا أطأها بعد هذا أبدا، وأنا أفضي إليك سرا ………. فقالت: نعم ما هو؟ فقال: ان أبا بكر يلي الخلافة بعدي ثم بعده أبوك فقالت: من أخبرك بهذا ؟ قال: الله أخبرني، فأخبرت حفصة عائشة في يومها بذلك، وأخبرت عائشة أبا بكر فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له : إن عائشة أخبرتني …)).
وهنا مع كون أن القمي قد نقل رواية أراد منها أن يثبت شيئًا فيه طعن بالخلفاء. وبأمهات المؤمنين –رض- لكنه قدم حقائق ووقائع صادمة ؛ وهي :-
أولًا:- أن النبي –صلى الله عليه وآله وسلم – قد بشر بخلافة ابي بكر وعمر – رض –
ثانيًا:- هذه البشارة بخلافتهما –رض- كانت من الله تعالى.
ثالثًا:- هذه البشارة كانت مرضية عند الله ورسوله وما يدل على ذلك هو أن النبي –صلى الله عليه وآله وسلم – لم يصدر منه قول أو فعل ناقد أو طاعن بتلك الخلافة ولم يغتم لذلك كما حصل معه عندما رأى بني أمية يعتلون منبره ؛ بل صدر منه ما يؤكد على رضاه عن خلافتهما –رض- كقوله : أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ خِلَافَةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ عَضُوضٌ، ثُمَّ تَصِيرُ جَبْرِيَّةً وَعَبَثًا.
رابعًا:- كرامة وتفضيل لأم المؤمنين حفصة –رض- عند النبي –صلى الله عليه وآله وسلم – لدرجة أنه حرم على نفسه ما هو مباح على أقل تقدير ابتغاءً لمرضاتها ؛ وهذا يعني أنها نزلت منزلة عظيمة في قلبه وأنه لم يصدر منها إلا ما هو طيب وعشرة طيبة جعلت النبي –صلى الله عليه وآله وسلم – يبتغي مرضاتها.
خامسًا:- بعدما حرم النبي –صلى الله عليه وآله وسلم – على نفسه ما أحله الله له ؛ ولغرض التأكيد على ابتغاء ارضاء زوجته أم المؤمنين حفصة –رض- زف لها البشرى بخلافة ابي بكر –رض – ومن بعده عمر –رض-.
سادسًا:- من خلال سياق كلام القمي يتضح أن تلك البشارة والنبوءة بتولي ابي بكر وعمر –رض- الخلافة أصبحت وصية بحيث انتقلت من النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- إلى حفصة وعائشة –رض- ومن ثم إلى أبي بكر وعمر –رض- ومن ثم إلى الصحابة حتى أصبحت رواية تتناقلها الألسن بأن الخلافة من بعد النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- وبإخبار من الله تعالى سوف تؤول إلى الخليفتين –رض- وهنا الحديث عن خلافة أو إمامة المُلك ؛ وما ذكرناه في النقطة ثالثًا يؤكد هذا المعنى .
هذا ما كشفه المهندس الأستاذ الصرخي الحسني في بحثه الموسوم [تَأْسِيسُ العَقِيدَة…بَعْدَ تَحْطِيمِ صَنَمِيَّةِ الشِّرْكِ وَالجَهْلِ وَالخُرَافَة] في معرض النقطة السابعة من البحث والتي تحمل عنوان 7ـ [نُبُوءَةٌ وَبِشَارَةٌ وَوَصِيَّةٌ…بِـــ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ(رض)] حيث قال :-
{{…. أـ حَقِيقَةٌ صَادِمَةٌ شَاخِصَةٌ تَجِدُهَا بَيْنَ كَلِمَاتِ الشِّيعَة[سَوَاءٌ الأَخْبَارِيُّ وَالأصُولِيُّ]، مِنَ المُشَعْوِذِينَ وَالطَّاعِنِينَ بِـعِـرْضِ النَّبِيِّ(عَلَيْهِ وَعَلَى نِسَائِهِ وَآلِهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام)، وَنَاصِبِي العَدَاء لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالصَّادِقِ الأَمِين(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم).
بـ ـ مِثَالُ ذَلِكَ القُـمِّـيّ(عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ)!! فَفِي تَفْسِيرِهِ، عِنْدَ تَفْسِيرِ سُورَةِ التَّحْرِيم{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ…}، قال: {إنَ سَبَبَ نُزُولِهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم) كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ(رض)…فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ مَارِيَةَ، فَعَلِمَتْ حَفْصَةُ بِذَلِكَ فَغَضِبَتْ…فَاسْتَحْيَا رَسُولُ اللَّهِ مِنْهَا، فَقَالَ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم): [كَفَى فَقَدْ حَرَّمْتُ مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِي…وَأَنَا أُفْـضِـي إِلَيْكَ سِــرّاً]…فَقَالَتْ: نَعَمْ، مَا هُوَ؟ فَقَالَ(عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام): [إِنَّ أَبَا بَكْرٍ يَـلِـي الْخِـلَافَـةَ من بَعْـدِي، ثُـمَّ مِنْ بَعْـدِهِ أَبُـوكِ]، فَقَالَتْ: مَنْ أَخْبَرَكِ بِهَذَا؟ قَالَ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم): [اللَّهُ أَخْبَـرَنِـي]، فَأَخْبَرَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ مِنْ يَوْمِهَا ذَلِكَ، وَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ أَبَا بَكْرٍ، فَجَاءَ أَبُـو بَكْـرٍ إِلَى عُـمَرَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ عَائِشَـةَ أَخْبَرَتْنِي…}[تَفْسِير القُمِّيّ(2)لِلقُمِّيّ]
جـ ـ النَّبِيُّ الكَرِيمُ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم) يَبْتَغِـي مَرْضَـاةَ أَزْوَاجِهِ. يَبْتَـغِي مَرْضَـاةَ أُمِّـنَـا حَـفْـصَـةَ(رَضِيَ اللهُ عَنْهَا)، فَـقَـد تَعَـهَّـدَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم) أَنْ لَا يَفْعَـلَ مَا أَغْـضَبَهَـا. بَـل قَـد حَـرَّمَ عَلَى نَفْـسِـهِ الفَعْـلَ الَّذِي أَغْـضَبَهَا، بِالرَّغْمِ مِن أنَّ اللهَ(تَعَالَى) قَـد أحَلَّهُ لَهُ مِن الأصْل!!
د ـ زِيَـادَةً فِي جَـبْـرِ خَـاطِـرِ أُمِّ المُؤْمِنِينَ حَفْصَة(رض) وَفِي إِرْضَائِهَـا. فَإنَّهُ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم) قَـد بَشَّـرَهَـا بِـخِـلَافَـةِ أَبِيهَـا عُـمَـرَ بَعْـدَ أَبِي بَـكْـرٍ(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا).
هـ ـ بِشَارَةٌ وَنُبُوءَةٌ بِـعِـلْمِ اللهِ وَأَمْرِهِ(سُـبْحَانَهُ وَتَعَالَى)، وَقَـد عَـلِـمَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُـمَـرُ وَعَـائِشَـةُ إِضَافَةً لِحَفْصَة(رض).
وـ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ، إنَّ عِلْمَهُم(رَضِيَ اللهُ عَنْهُم) بِالبِشَارَةِ النُّبُوءَة كَانَ مَعْلُومًا مُسْبَقًا عِنْدَ اللهِ(سُبْحَانَه)، وَكَذَا عِنْدَ رَسُولِهِ الكَرِيم(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم)، فَـصَارَت البِشَارَةُ وَصِيَّـةً. …}}.
ولكل من يريد أن يطلع على تفاصيل البحث يرجى الدخول على الرابط التالي :-
https://www.facebook.com/Alsarkhyalhasny1/posts/253378526939465
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية