نون والقلم

د. صلاح سلام يكتب: كوب 27.. ماذا نحن فاعلون!

كنت أراقب يوميًا من شرفة غرفتي المطلة على أحد الشوارع الجانبية لشارع كيلبون، وهو أحد الشوارع المعروفة في لندن، ذلك الرجل الذي يلبس سترة خضراء تشبه تلك التي يرتديها رجل المرور أو المطافي ولكن باللون الأخضر فوق ملابسه، وهو يجمع أوراق الشجر الصفراء المتساقطة على الأرصفة والطريق ووضعها في أكياس خضراء خاصة ويجمع هذه الأكياس في مناطق مختلفة، إلى أن تأتي سيارة تشبه سيارات جمع القمامة وتأخذ كل ما جمع.

أما إذا كانت الكميات كبيرة فيتعاون أكثر من شخص في الجمع بما يشبه الجرافات ورفعها مباشرة إلى السيارة.. وقد استوقفني هذا المنظر فسألت رفيقي محمد كريم، وهو دليلي في لندن، حيث يقيم منذ وقت طويل، فقال لي إنه يعاد تدوير «ذهب أيلول»، كما تسميه السيدة فيروز لإنتاج السماد. وعندما سألت أحد القائمين بالجمع قال لي إنه يدخل في صناعات عدة؛ ومنها الورق.

وفي مشهد آخر لافت، وجدت سيارات فنطاس مثل سيارات نقل الوقود تقف خلف مطاعم ماكدونالد باستمرار، فقال لي محدثي إنها تجمع الزيت الذي تم استعماله، حيث يعاد تدويره ويستخدم بعد المعالجة لسيارات الشركة، فطفق إلى فكري.. ماذا لو جمعت هذه السيارات حصيلة طاسات الطعمية التي تزين معظم شوارع المحروسة.. نعم فكلنا نعشق الطعمية.. ولكن هل يتم تدوير زيتها أم يتم إعادة استخدامه مرات ومرات فيصبح أقرب للمسرطنات؟.. ليتنا نجمعه ونقايضه بنفس القيمة لنستخدمه في الأغراض الصناعية أو الوقود ونحمي الأجيال ونوفر ما ندفعه لعلاج الآثار الضارة منه والتي لا يعلمها الا الله.

أما المشهد الذي فضلت أن آخذ صورة تذكارية له فهو أثناء خروجنا من مكتبة لندن العامة والتي سحرتني بأجنحتها ومخطوطاتها. التي جمعت فيها كل العصور حتى نسخة القرآن الكريم المكتوبة من عهد سيدنا عثمان بن عفان. وبعد أن استمتعنا بعزف الموسيقى في بهو المكتبة في نهاية اليوم.. فإذا بي أرى هذا المشهد أثناء خروجي.. وهي كما في الصورة أشبه بطفاية السجائر ولكنها بلاستيكية.. فعرفت من رفيقي ودليلي في بلاد الإنكليز.. أنها طفاية لبان؟ آه والله طفاية لبان.. حيث كادت أن تفرض الحكومة على مصنعي اللبان ضريبة إضافية عالية نظرًا لتأثيره الضار على البيئة. فرضوا وكان أحد الحلول المقترحة أن يتم وضع «طفايات» لبان على نفسهم في الأعمدة. تفاديًا للآثار المترتبة على قذفها على الأرض أو في الأماكن العامة.

فماذا نحن فاعلون في كوب 27 الذي سوف تستضيفه مصر أو قمة المناخ في نهاية هذا العام بعد توصيات مؤتمر جلاسجو العام الماضي وتصريحات بوريس جونسون غير المطمئنة.. فلم يعد الحديث عن التغيرات المناخية رفاهية، فأصبحت كل البيوت تعاني من شدة الحر الخليجي غير المسبوق صيفًا وشدة البرد الأوروبي شتاءً. مع تواضع الدخل للأسرة المصرية والتي لا تتحمل لا هذا ولا ذاك.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى