نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: الفساد الأخلاقي

الحديث في قضية الأخلاق يطول، باعتبارها قضية تمس أركان الدولة، وتعصم المجتمعات من الانحلال والانهيار، وأيضًا لارتباطها بالفساد المالي والإداري وتأثيره على نهضة المجتمعات وتحضرها.

إذا كان السلوك هو لغة الأخلاق، والصورة الظاهرة لمكنون الشخصية. فإننا بلا شك أمام حالة تراجع أخلاقي في المجتمع المصري الذي عرف في السابق بتقاليده وقيمه وعراقته. جعلته قبل قرنين من الزمان على رأس الدول المتحضرة والمدنية.

ومع التراجعات الكثيرة التي حدثت للأمة المصرية منذ عدة عقود، بات الوضع مخيفاً والتهاون حياله أكثر خطورة، بعد أن شهد المجتمع حوادث وقضايا فجة هزت مشاعر الناس وباتت لغزًا محيرًا بسبب حالة التدني والفساد الأخلاقي الذي وصل إليه البعض، وللأسف أصبحنا أمام مظاهر اجتماعية سلبية كثيرة، تشير بوضوح إلى أننا في حاجة إلى مراجعات كثيرة لضبط السلوك الاجتماعي كمرحلة أولى، على اعتبار أن ترسيخ القيم والأخلاق وكل مفاهيم الإنسانية والتحضر تبدأ من النشأة والعمل علي محاور كثيرة ومتعددة.

إن خطورة الفساد الأخلاقي تكمن في أنه الباب الرئيسي والبيئة الحاضنة أو – المفرخة – لشتى أشكال الفساد ومنها الفساد المالي والإداري الذي يسبب نشر الرشوة والمحسوبية في القطاعات الحكومية وغير الحكومية سواء كانت في مشروعات أو عمليات احتكار في الأنشطة التجارية وغيرها من المعاملات التي لا يتورع فيها الفساد عن ارتكاب أي فعل مخالف من أجل تحقيق هدفه الذاتي بغض النظر عن الأضرار التي يسببها للآخر أو المجتمع.

وأبسط هذه الصور نجدها في الاختناق المروري بسبب عدم اكتراث البعض بالقانون أو مشاعر الآخرين أو صورة مجتمعه، وهي واحدة من مظاهر التخلف الكثيرة التي رأيناها في السنوات الأخيرة، وإن كان أخطرها وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت أداة لشريحة كبيرة من منعدمي الضمير والأخلاق تعبث بها من أجل الابتزاز والتربح وتصفية الحسابات وتسبب كوارث اجتماعية.

بالتأكيد نحن في حاجة إلى مراجعات كثيرة يأتي على رأسها إصدار تشريعات تحد من العبث والفوضى على وسائل التواصل الاجتماعي. وغيرها من الوسائل التي تبث سمومها في المجتمع لتحويله إلى مجتمع فوضوي. يعج بالمشاكل والتفسخ الاجتماعي والفساد بصوره المتعددة والتي تتعارض وكل أشكال التنمية وتضربها في مقتل.

نحن في حاجة إلى منظومة متكاملة وإعادة بناء المجتمع الإنساني المتحضر من منطلقات الحرص والوازع التربوي والديني والأسري والثقافي لاستعادة وترسيخ قيم الفضيلة التي كان يتسم بها المصريون من شرف ومروءة وشهامة وصدق وأمانة، وأيضًا قيم العدل والمساواة واحترام القانون والشعور بالواجب الوطني وغيرها من القيم التي تعصم المجتمع من الانحلال والانهيار، وتصون حضارته ومدنيته ونموه ولحمته الاجتماعية.. وجميعها بالضرورة تحتاج إلى مراجعات بدءًا من دور الأسرة ومرورًا بمراحل التعليم المختلفة. التي يجب أن تشتمل على مادة تعليمية أساسية في هذا الأمر. ثم مسئولية المؤسسات الدينية ودورها التربوي من خلال دور العبادة.. ثم مراجعة محتوى الدراما ووسائل الإعلام التي باتت تعاني من الإسفاف والسطحية. وكانت من أخطر وأهم الأسباب لتفشى بعض المظاهر السلبية.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى