نون والقلم

د. عادل رضا يكتب: المعرفة كـ«سلاح»

المعرفة التفصيلية عن المجتمعات هي ساحة عمل حالية و كذلك مستقبلية لاستخدامها كـ«سلاح» غير عسكري ضمن أدوات المعلومات و لها استخدامات على مستويات أخرى منها الاقتصادي من خلال دراسة السلوك الاستهلاكي للأفراد وكيفية الترويج لهذه السلعة أو تلك البضاعة من خلال تحليل بيانات السلوك البشري والمعلومات المتراكمة عن طريق دراسة أنماط السلوك من خلال المعلومات والبيانات والتحركات المتراكمة المتواجدة في تطبيقات الأجهزة الذكية ومواقع الإنترنت التي تطلب السماح بالحصول على تلك البيانات والتفاصيل والتي تجمع تلك البيانات للمستخدمين وتعيد بيعها لمن يدفع لاستخدامها من خلال التحليل الاحصائي و دراستها بواسطة علم الاجتماع.

لقد خرج إلى العالم وحش غير قابل للسيطرة وتجارة جديدة. تتعلق خاصة بـ«دراسة بيانات البشر وتحليلها”» لإعادة توجيهها لمن يدفع أكثر؟ لشركات تجارية تبيع سلع استهلاكية كالسيارات أو أدوات التجميل أو أنواع الأكل…الخ أو أجهزة استخبارات ودول لديها مصالح لصناعة نفوذ من هنا أو إيصال مرشح لموقع رئاسي من هناك أو تدمير بلد من هنالك.

إن «وحش» الذكاء الاصطناعي الموجود بالشركات التقنية العابرة للقارات حاليا اخذت تضرب بقصد وبدون قصد بأسس المجتمعات الغربية التي انطلقت منها وتأثيرات ذلك واضحة على الأفراد من حيث العزلة الاجتماعية والتوحد الشخصي والانغلاق على الذات وصناعة فقاعات «عزل» اجتماعي وخلق أوهام «لجمال شخصي» مستحيل الحدوث بالواقع يتم مشاهدته بالواقع الافتراضي. وزيادة مرتفعة بازدياد لحالات انتحار الأطفال والمراهقين وكذلك صناعة مجتمعات بشرية ضخمة افتراضية بمجموعات التواصل الاجتماعي تضم شواذ الفكر وغريبي الأطوار والمرضى الاجتماعيين وأصحاب أفكار الكراهية والقتل على الهوية العرقية أو الدينية.

وعلى العالم أن لا ينسى «داعش» وعليه أن لا ينسى قاتل نيوزيلاندا و بثه المباشر لمتابعيه. وعليه أن لا ينسى فيديوهات قطع الرقاب، ولا الترويج للتصفية الدينية ضد المسلمين بميانمار.

يمكن بسهولة تجميع شذاذ الأفاق بمجموعة واحدة لتمثل كتلة بشرية مركزة. ويمكن أيضا ترشيح كتل بشرية محايدة يمكن التأثير عليها إلكترونيا بوسائل التواصل الاجتماعي من خلال الدعايات أو توصيات المشاهدة والمتابعة وطلبات الانضمام للمجموعات لتقوية الكتل البشرية. ومن هنا يتم الترويج لأفكار أو لمرشحين أو لعادات استهلاكية تخدم حالة تجارية مالية.

ومن هنا من يدفع ماليا للشركات التحليلية للبيانات أو الشركات المالكة للبيانات الشخصية. هو من يملك السلطة الغير مباشرة ومن يصنع التغيير بالقرار الفردي والتوجه المجتمعي. وصناعة جبهات الرأي العام وصناعة تركيز الرأي وأيضا الترويج للدعايات والأخبار المزيفة التضليلية السريعة الانتشار والعاطفية التأثير النفسي.

 

رأينا تأثير ذلك على انتخاب الرئيس الأمريكي ترامب ورأينا ذلك على نتائج استفتاء الخروج البريطاني من الاتحاد الأوربي وامتد ذلك على انتخابات الدومينكان والفلبين وماليزيا البرازيل وهي دول ليست استعمارية قديمة ولا امبراطوريات سيطرة حديثة.

فاذا كان تأثير وحش التأثير التكنولوجي قد ضرب في عمق أساسيات بلدان السيطرة والتحكم الإمبراطورية العالمية. فما بالك بما سيحدثه هذا الاستحمار الجديد المستحدث بنظم ومجتمعات عالمنا العربي. من إثر وتأثير وسيطرة وصناعة قناعات جديدة واسقاط قناعات قديمة وصناعة أجيال «آلية التوجيه». من خلال دراسة قاعدة بياناتها المخزونة عند مؤسسات التطبيقات الحديثة ومواقع الانترنت.

طبيب باطنية وغدد صماء وسكري

 كاتب كويتي في الشئون العربية والإسلامية

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى