اخترنا لكنون لايت

رسالة ماجستير تناقش الخطاب الحجاجي في مقالات نبيل عبد الفتاح

عظيمة يا مصر فعلا. عظيمة كما أرددها في نفسي  بصوتي ..وكما تتردد في آذانكم وفي أذني أيضًا  بصوت وديع الصافي.. عظيمة يا مصر يا أرض النعم.. يامهد الحضارة .. يابحر الكرم. ويا بِدْع الورد يا جمال الورد فيك يا بلادي.. تغيب شمس مفكر كبير.. فننظر حولنا، فإذا منح الله وعطاياه لنا كبيرة.. يأخُذ الله.. ويُبْقِي أيضا.. في هذا البلد الولود الوَلاّد. نحزن لرحيل مفكر وناقد وكاتب كبير مثل جابر عصفور. لكن الله يغسل أحزاننا ويضيء قلوبنا بإشراقة أخرى.. تغسل بؤس لحظة وداعنا الحزينة . نودع مع المحزونين جابر عصفور.. ونحتفي مع المحتفيين في جامعة عين شمس بنبيل عبد الفتاح  .

تكريما وتقديرًا لنبيل عبد الفتاح كمفكر وكاتب ومثقف موسوعي 

يوم النبيل (نبيل عبد الفتاح) مثَلَ أول تكريم واحتفاء حقيقي به.. ينتسب إلى الأهرام لكنه أكثر كثيرًا من مجرد زميل، فهو كذلك بحكم الانتماء لمؤسسة صحفية. لكنه أكثر من صحفي.. وأكبر من مجرد كاتب، ومن مثقف. فهو موسوعي الثقافة.. وأقرب إلى المفكرين منه إلى الباحثين، فقد تجاوز هذا الوصف في الحقيقة، فقد بلور مشروعا فكريًا متكاملًا.. تشير ملامحه بوضوح تام إلى رؤية خاصة له ووجهة نظر في الحياة.

أكتب عن «نبيل» على خلفية الرغبة في إزالة الحزن العارم على رحيل مفكر من وزن جابر عصفور.. رائد مدرسة العقلانية في مصر.. وكأني أري في منتج نبيل عبد الفتاح الفكري عوضًا من الله .

الحفاوة جاءت من قلب جامعة عين شمس.. لكنها لم تأت من مجرد قيام باحث باختيار مقالات نبيل عبد الفتاح موضوعًا جادًا وجديدًا للدراسة لينال عنها درجة الماجستير ( الخطاب الحجاجي في مقالات نبيل عبد الفتاح ) ولكنها جاءت أكثر من مرة من أساتذة اللغة والأدب و النقد العظام.. الأستاذ الدكتور محمد يونس عبد العال، الأستاذ الدكتور عبد الناصر حسن محمد، الأستاذ الدكتور عزة شبل محمد، الأستاذ الدكتور خالد توكال مرسي.

فعلى حين تعامل الباحث إسلام صلاح محمد المتقدم لنيل درجة الماجستير في الخطاب الحجاجي في مقالات نبيل عبد الفتاح، مع هذه المقالات كماده خام، لم يستلهم أفكارها ويصنفها ويبرز ما فيها ويضيء عليها، فإن الأساتذة المناقشين تعاملوا معها بطريقة مختلفة، تعكس التقدير العميق للأفكار ولكاتب المقالات.

لجنة المناقشة
لجنة المناقشة

يونس: الموضوع جديد والفكرة جريئة لكن الباحث ارتعب وتملكه الخوف فحذف مقالات عديدة  !

فالأستاذ الدكتور محمد ﻳﻮﻧﺲ عبد العال أشار أكثر من مرة إلى نبيل عبد الفتاح، الأولى عندما وصف الموضوع بأنه مثير وفيه جرأة، لأنه يتناول مقالات كاتب مشهور معروف في جريدة الأهرام، منوهًا بأنه كان من قرائه الدائمين، حينما كان يقرأ جريدة الأهرام. وقت أن يقرأ، والآن أصبح مُقِلًا في القراءة، ويدخر جهده لقراءة أعمال الدارسين ولمحاضرات طلابه. ومرة أخري حينما شرع في مناقشة الباحث، وسؤاله عما إذا كان قد أتيح له أن يطل على المنتج الفكري الكلي لنبيل عبد الفتاح أم قرأ بعضه فقط، مؤكدًا أنه كان يتعين عليه أن يلم بكل إنتاجه الثقافي حتى وإن لم يكن ضمن موضوع المناقشة، لأن ذلك كان سيتيح له مجالًا أوسع للرؤية.

الباحث بذل جهدا كبيرًا في سنوات بعكس أبحاث تعد في أسبوعين و«أقلب»!

ومرة ثالثة أشار الدكتور يونس إلى أهمية وقيمة الكاتب عندما قال أن اختيار مقالات نبيل عبد الفتاح للدراسة هو خروج من رتابة الموضوعات المتشابهة والمتكررة التي يدرسها الباحثون، والرسائل التي يعدونها في أيام ويحصلون على درجتها في أسابيع «واقلب»، في ما يشبه صرخة إدانة لما يحري في مجال البحث العلمي والفكري. مضيفًا أن مقالاته تضرب في كل أفق ويحتاج كل مثقف إليها. فهو مصري وطني وغيور ومحب لوطنه ،ولكل شيء جميل .

وأضاف أن فترة البحث والدراسة فترة صاخبة لا تنسي، حيث لم تكن هناك خلالها طريقا معبدة أمام الشعب ليسير عليها نحو المستقبل. وهنا غمز الدكتور يونس الباحث من قناة ابتعاده عن القضايا التي تناولها الكاتب، مشددًا على أنه لم يكن هناك مبرر للخوف من الحجاج، ومن الاقتراب من نبيل ومن هذه الفترة.

الباحث إسلام صلاح محمد
الباحث إسلام صلاح محمد

كتابات عبد الفتاح وثيقة على العصر وتناولت أصعب فترات لم تكن مصر فيها تعرف طريقا للمستقبل

ونعى الدكتور يونس على الباحث حذفه للعديد من المقالات من دراسته وقال: «لقد توقفت لغرض معين.. كان الرعب يتملكك فإلى متي سيتملكك الرعب. لقد نحيت جانبا القضايا الفكرية اي تناولها مع أنه ليس هناك فصل بين هذه القضايا وبعضها، فهذه المقالات وثيقة على العصر، ومهمتك مستقبلًا أن تصنع منها مجلدًا».

درس إسلام صلاح الباحث في الخطاب الحجاجي لمقالات نبيل عبد الفتاح حوالى 230 مقالًا، نشرت فيما بين 2010-2016 ورأي إنها «شحنت بالأفكار والرؤى،  وساعد الكاتب على  ذلك ثراؤه اللغوي ومهاراته اللغوية، فأحسن التنويع وابدع في الاستعارات الجديدة واحسن استخدام  أساليب الاستفهام والتساؤل».

أساتذة اللغة والنقد ينتصرون لأفكار نبيل عبد الفتاح

الدكتور عزه شبل محمد أيضا غمزت الباحث من قنوات عديدة، من بينها مطالبتها له بضرورة أن يربط أدواته البحثية بالقضايا التي عالجتها المقالات التي تناولتها الدراسة، موضحة أنها عالجت قضايا ثقافية وتشريعية واجتماعية وكان واجبًا الإضاءة على هذه القضايا وأن تكون هناك في نهاية الدراسة ثمرة لهذه التحليلات وماهي هذه القضايا لأنها ليست مذكورة لا في المقدمة ولا الخاتمة.

وهكذا انتصر أساتذة اللغة والنقد لأفكار نبيل عبد الفتاح، فيما كان الباحث فيها بعيدًا عن جوهرها ومكنونها المهم، لاهتمامه وحرصه على نيل الدرجة العلمية، ربما بأهم من ادراك الابعاد الكامنة في افكار نبيل عبد الفتاح ومقالاته ..

وهكذا يبقي الأساتذة حراسا للأفكار والحجاج والبلاغي والنقدي والمعرفي.. ويكملون دوما نواقص الباحثين والدارسين .

نون القاهرة – محمود الشربيني

  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى