حطم الغرب فكر «هتلر» و«موسوليني»، وقضى على العنصرية والفاشية والتمييز العرقي في أوروبا، ثم اتجه إلى نفسه، قرر أن يعيد تركيب الشعوب من الداخل، فوعدهم القادة الذين حكموا الدول المحررة والمنتصرة بحياة مرفهة ومختلفة عن الحياة التي كانت قبل الحرب العالمية الثانية، وبينما هم يبنون ما تهدم، ويضمدون جراح الأيتام والثكالى والأرامل والمصابين، كانوا يحاربون وبسرية تامة ركائز الثبات والنصر، وهي الإيمان بمعتقداته الراسخة والقيم التي تحكم العلاقات في المجتمع، واعتبر كل ذلك ردة فعل، وتوجه عام بعد المعاناة من الحرب.
كراهيتهم هي التي قادتهم، وجعلتهم يدمرون أنفسهم، ليتحولوا في العقود اللاحقة إلى عصر المادة. والاستعمار الجديد الذي يسيطر على العقول ويتدخل في ترتيب معتقدات العالم كله. بعيداً عن الجيوش طرحوا فكرتهم الجديدة، وعملوا على إيصالها للآخرين، واختاروا الضعاف والمشتتين من الأقوام. ونشروا ثقافاتهم المبتكرة. واستخدموا الاقتصاد والمساعدات الإنسانية وسيلة ضغط في حربهم ضد المعتقدات. أما مع الكبار والذين لا يحتاجون إلى دعمهم فقد تغلغلوا بما أسموه «الفكر المستنير»، ودخلوا من باب «الإباحة». وبعد تمكين كل فكرة ينتقلون إلى فكرة أخرى حتى وصلوا إلى خطوط حمراء يشكل العبث بها تحدياً عالمياً جديداً قد يكون أشد خطراً من الحرب الثانية!
يريد الغرب أن يجعل من «ابتلاءات البشرية» عرفاً مقبولاً يحميه القانون، وابتلاءات البشرية هي الخبائث والكبائر المنهي عنها في الكتب السماوية وأغلب العقائد الموضوعة، وهذه لم تكن غائبة في زمن من الأزمان، بل هي موجودة في المجتمعات الصغيرة جداً كما هي موجودة في المجتمعات الكبيرة، ومن ابتلوا لا يجاهرون بأفعالهم، ومن يفعل ذلك له جزاء ينظمه القانون وتحكمه الشرائع، ومن يعتقد أنها حرية شخصية «يستر» نفسه، ويغلق بابه، فلا يتأذى منه أحد، وهم، أي الغرب، يريدون أن ينشروا تلك الأفعال، ويدعوا العالم كله لأن يتقبلها، وهذه خطيئة ستطالهم آثارها قبل أن تطال غيرهم. ولنا عودة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية