لا يلام الناس على ردة فعلهم إذا جرحت مشاعرهم، وقد كان جرح منتصف ليلة الجمعة عميقاً، لأنه يمس رمزاً وطنياً.
كرة القدم، إذا رجعنا إلى البدايات، هي ليست أكثر من تسلية وقضاء وقت الفراغ لأطفال وشباب الأحياء، مع بدايات ظهور معالم ما يسمى بالحضارة في القرن العشرين، نشرها الإنجليز في العالم كله، وقد أحبها الناس، وتطوروا معها، وانتقلوا من مرحلة إلى مرحلة بسلاسة، ونمت عندهم روح المنافسة، ثم التعصب، وبعدها جاء الانتماء، فريق الحي شيء، وفريق يحمل اسم الوطن شيء آخر، الأول يهم مجموعة صغيرة من الناس، حتى لو تحول إلى «نادٍ»، له مقر وإدارة، ويشارك في دوري، أما الثاني، فهو يحمل دلالة كبيرة، ويهم كل أبناء الوطن، صغيرهم وكبيرهم، من يفهم في الكرة ومن لا يفهم، ومن يظنها مضيعة للوقت، ومن يعتبرها وسيلة حماية للشباب، سواء كانوا لاعبين أو مشجعين.
فالناس مجتمعون، يقفون مع من يمثلهم ويحمل شعار وطنهم، من أجل ظهور مشرف في البطولات. وسمعة طيبة، وأداء يفتخرون به، وليس حصد الدروع والكؤوس فقط، لهذا. كانوا في كثير من الأحيان لا يغضبون من هزيمة أو خروج من تصفيات. أو خسارة مباراة نهائية، فكل بطولة ومباراة، فيها فائز واحد، قد يخدمه الحظ، وقد يحقق له الفوز لاعب فذ!
ولكن الجميع غضبوا في تلك الليلة، ليس لأن منتخبنا خسر المباراة. وليس لأن النتيجة كانت ثقيلة، بل لأننا شوهنا صورة جميلة، تكونت نتيجة تراكمات 50 عاماً من الجهود، لترسيخها في أذهان الجميع، ولأسباب كثيرة، نتائجها يتحملها كل من كان مسؤولاً في تلك اللحظة، وللأسف، أقولها مرة أخرى، وسأكررها مع كل سقطة تنتج بفعل تصرفات ومواقف فيها مكابرة وتنصل من المسؤولية، وفيها عناد واضح، ذلك كله لن يخدم أحداً، ولن يخفف من ردة فعل الرأي العام.
كل من عبّر عن مشاعر الغضب بعد المباراة، كان على حق، والملامون يعرفون أنفسهم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية