نون والقلم

محمد يوسف يكتب: القوة صمام أمان

الدولة القوية خير من الدولة الضعيفة، والدولة المعتمدة على نفسها خير من الدولة المعتمدة على غيرها، والدولة التي تنظر إلى المستقبل خير من الدولة التي تتحدث عن الماضي، فمن يملك القوة لا يعني أنه ذاهب إلى الحروب وغزو الآخرين، فالقوة ليست عدواناً، بل هي رادع لمن يفكر أن يمارس دور العدو قولاً أو فعلاً، هي رسالة علنية لمن يعرف القراءة ويسمع، ولمن لديه عقل، وهذا الأخير عليه أن يفكر ثم يفكر ثم يفكر، ثلاث مرات أو عشر وعشرين مرة، قبل أن يعبث ويكسر قواعد التعايش السلمي، وأن يتوقف عن كل وسائل إثارة الاضطرابات في محيطه، مباشرة أو عبر وكلاء مأجورين، وسواء صرخوا باسم له شأن أو تنادوا تحت راية مشبوهة، وسواء كانوا متلحفين بمعتقدات عفا عليها الزمن أو يريدون إحياء زمان قد ولى، أو كان لاعباً جديداً تلاعبت به أوهام المشعوذين الطامعين في التوسع والتمدد، وغيرهم من أولئك الذين يبحثون عن كراسيّ تستوعب أحلامهم حتى لو أريقت تحتها الدماء وأزهقت الأرواح.

القوة ميزة تمتاز بها القيادة، التي تحافظ على كل ذرة رمل تشكل أرض الدولة، التي تحمل مسؤولية الحفاظ عليها، هي أداة حماية الحدود ووسيلة الإبقاء على الأجواء صافية، وتوفر الأمن والاستقرار لكل من يعيش فيها، هي الأمان، وهي الاطمئنان، وحجمها، أي حجم القوة، لا علاقة له بقياسات الطول والعرض، ولكن تحكمه اعتبارات مرتبطة بواقع وظروف ناتجة عن تصرفات الآخرين. قد نقول: إن الأصدقاء كثر، وإن الحلفاء أكثر. ولكن من تعلم من حكايات الدهر وتجاربه. يكون مخطئاً لو اعتمد على أصحاب الوعود. فهؤلاء قد يُوفون بما وعدوا مرة، وقد يخذلون من يطلب عونهم مرات. بل قد يسأل عنهم في وقت الحاجة فلا يجدهم. القوة صمام أمان، تردع قبل أن تستخدم، وعندما تستخدم، وبعد أن تستخدم.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدول

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى