نون والقلم

وليد عتلم يكتب: رصد وطني لظاهرة الإرهاب

يعرف مشروع مراكز الفكر والدراسات العالمي، مراكز الأبحاث والدراسات. بأنها مؤسسات تقوم بالدراسات والبحوث الموجهة لصانعي القرار. والتي قد تتضمن توجيهات أو توصيات معينة حول القضايا المحلية والدولية. بهدف تمكين صانعي القرار والمواطنين من صياغة سياسات حول قضايا السياسة العامة.

وتعد هذه المراكز في كثير من الأحيان بمثابة مؤسسات وسيطة بين الأكاديميين وجماعة صناع السياسات العامة وصنع القرار. وتهدف هذه المراكز عادة لخدمة المصالح العامة كونها جهات مستقلة تترجم نتائج البحوث والدراسات بلغة مفهومة. وموثوقة وسهلة الوصول لصناع القرار والرأي العام.

في هذا السياق؛ يكون من المهم الإشارة والتركيز إلى مؤشر الإرهاب للشرق الأوسط والمنطقة العربية، والصادر عن «المركز الوطني للدراسات»، حيث صدر عشرة أعداد دورية حتى الآن من ذلك المؤشر المهم على مستوى الرصد والتحليل، فلا يكتفي المؤشر والقائمين عليه برصد العمليات الإرهابية على مستوى الشرق الأوسط والمنطقة العربية فقط. لكن أيضاً يذهب المؤشر إلى تحليلها والتنبؤ المستقبلي بتوجهاتها واستراتيجيتها.

غير أن القضية الأبرز التي يثيرها مؤشر الإرهاب تلك التي تتعلق بأهمية الحاجة لمراكز أبحاث ودراسات وطنية. مستقلة ومتخصصة خاصة فيما يتعلق برصد وتحليل وتفكيك ظاهرة الإرهاب ما بعد 2013. حيث شهدت السنوات الأخيرة تطورات كبيرة على مستوى العمليات الإرهابية وظاهرة الإرهاب عموماً. والتهديد المحتمل الذي تمثله للأمن القومي المصري والعالمي.

وكم تأثرت وجهات النظر المصرية الرسمية باعتماد وسائل الإعلام الغربية والعالمية على بيانات ومعلومات متحيزة وغير محايدة صادرة عن عديد مراكز الدراسات المنتشرة خارج مصر حول واقع ظاهرة الإرهاب في مصر، وهي بيانات وتحليلات تعكس توجهات الدول التي تحتضن تلك المراكز وعلى نحو مخالف بل ومعادي في كثير من الأحيان لمصر وعلى نحو مناقض للتوجهات والسياسات المصرية، حتى وصل الأمر للخلط في توصيف الإرهاب ومن هو الإرهابي، وبين المفاهيم العامة لـ حقوق الإنسان.

في السياق ذاته؛ يستقي المؤشر أهميته أيضاً كونه أول مؤشر مصري عربي يصدر شهرياً. يقدم رواية مصرية عربية لظاهرة الإرهاب ومن مركز فكر وطني مستقل ومحايد. حيث افتقدنا كثيراً لرواية وطنية للظاهرة غير الرواية الرسمية الحكومية ــ التي في بعد الأحيان قد لا تحظى بالمصداقية لدى الرأي العام والإعلام العالمي ويتم التشكيك بها باستمرار ــ لذلك يكون من الأهمية بمكان وجود مؤشر وطني مستقل يعمل على تتبع ظاهرة الإرهاب وتفكيكها، حيث يعتبر الإرهاب والتطرف أخطر ظاهرة يعيشها العالم حالياً.

ويتعرض المجتمع المصري والعربي اليوم لمجموعة من المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية التي أفرزت مجموعة هائلة من التحديات والمشكلات لعل أخطرها الإرهاب والتطرف. بهدف وجود خلفية معرفية متكاملة عن المتغيرات المستقبلية المتوقعة في مصر والدول العربية لظاهرة الإرهاب، ووضع تشريعات قوية في التعامل مع الإرهابيين، وإحياء دور مراكز الفكر والبحث المستقلة.

وعلى الرغم من إشارة مؤشر الإرهاب الدولي إلى تراجع ظاهرة الإرهاب وانحسارها في عام 2020. إلا أنه من الأهمية استمرار تتبع الظاهرة وتحليلها دورياً من خلال مؤشر وطني مستقل. خاصة في ظل التهديدات المستمرة في دول الجوار والإقليم.

لذلك؛ تفعيل دور مراكز الأبحاث والدراسات في مصر قد أصبح من مقتضيات الضرورات السياسية والاقتصادية والإعلامية والأكاديمية والاجتماعية والتنمويّة؛ وذلك بوصفها الطريقة الأمثل لإيصال المعرفة المتخصصة، من خلال ما تقدمه من إصدارات علمية وندوات وتحليلات متخصصة، من شأنها أن تضاعف مستوى الوعي لدى صانع القرار.

 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t   F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى