نون والقلم

محمود الشربيني يكتب: الفتاوى برائحة البحر!

مساكين أبناء محافظة مطروح! وربما كان مثلهم- باعتبارهم على مقربة 500 كلم فقط منهم- رواد الساحل الشمالي، وسكان العلمين والعجمي والكيلو 21 الخ. مساكين فعلا.. فلم يأخذوا حظهم من «الفتيا» في القرون الغابرة.

وحان الوقت كي «يقبوا على وش الدنيا»، بعدوا أن كانوا على شمالها، فلم يتمتعوا بخدمات «الإفتاء»، التي تمتع بها سكان القاهرة وضواحيها، كما تمتعهم بدعم العيش و التموين والزيت والسكر والعدس والمكرونة الخ .

مساكين فعلًا.. لقد عانوا نقصا فادحا على مر السنين وحان الوقت لإزالة الغبن.. فالآن الآن تستطيع المطلقة أن تسترد زوجها، إذا ذهبت إلى مقر دار الإفتاء فرع مطروح، وتحدثت إليهم بنفسها ورأتهم رؤيا العين، وتابعت تعبيرات وجوههم، ومدي قبولهم أو امتعاضهم وتأثرهم بحديثها من عدمه، ولأمكنها أن تشرح لهم بأن يمين زوجها بطلاقها طلقة بائنة لم يقع، فهي متأكدة أنه ألقاه وهو غاضبٌ، كما يفعل في كل مرة! وكأنه كان عليه أن يذهب إلى شاطئ الغرام، ويجلس على الصخرة الشهيرة التي شهدت ميلاد شرارة الحب بين ليلى مراد وحسين صدقي، حتى يتخذ قراره بالتطليق، وهو في قمة حالته الرومنسية، ومن دون مؤثرات خارجية!

الآن الآن وليس غدا، سيستطيع الأخ أن يتردد بلا كلل أو ملل على المقر الجديد لدار الإفتاء فرع مطروح، ولن يحتاج إلى قطع مسافة كلم بين مطروح والأزهر، طالبًا دعمهم في مواجهة شقيقاته، بخطأ حصولهن على ميراثهن من آبائهن وأمهاتهن، حماية لأراضي العائلة، فلا يرضيهم أن تفقد عائلته أرضها ومالها وقوتها لمجرد زواج ابنتهم من رجل فيها! الآن سيصبح سهلا على النساء أن يذهبن للسؤال عن مدي شرعية لبس الجلباب عند نزول البحر .. في مواجهة البكيني والبوركيني.. وأيهما يتلاءم مع الطقس الحار وأجواء الهواء الطلق والتنفس بحرية؟ ويتأكدون بأنفسهن مما إذا يجب عليهن أن يتقيدن بارتداء الاسدال، باعتبار أن نزول البحر لا يعني التحرر والابتذال في الماء؟ وهل يجب عليهن النزول بكامل زينتهن، وبمكياج مقاوم للماء، حتى لا تظهر حقيقتهن. وتسقط نظرية أنه في الظلام تتساوي كل النساء، وأنه على ضوء الشموع، تبدو التجاعيد وكرمشات الوجه كظلال للماسكرا والآي شادوا ، وليست خطوط العمر الحقيقية بكل قسوتها!

الآن وليس غدا.. أصبح لكل فرد من أفراد محافظة مطروح وضواحيها إمكان مجاملة أصدقائه -أو انسبائه- في ليبيا القريبة منه، فيحصل لهم على الفتوي، ثم يرسلها لهم بالفاكس أو بالميل أو بالواتس أو مسنجر (!!) من دون حاجتهم إلى التنقل والحضور لطلب الفتوي بالقاهرة أو مطروح، ما يضيع الوقت والجهد والمال في التأشيرات والفيزا والتطعيم ضد كورونا ونحو ذلك. الآن يمكن أن للمواطن المطروحي، أو رواد الساحل الشمالي -حتي لو كانوا من مرتادي حفلات دياب وحكيم وشاكوش. والتي دفعوا فيها آلاف الجنيهات- نقل نصوص الفتاوى إلى المحافظين على الدين بسرعة لئلا يخالفوا الشريعة!!!

لذلك.. أحسنت دار الإفتاء صنعا بتوقيعها بروتوكول تعاون مع محافظة مطروح لإنشاء فرعها الجديد بمطروح. على مساحة 135 مترا مكون من طابقين بتكلفة 2.2 مليون جنيه !

أما أطرف تساؤل أعقب نشر الخبر فكان بتوقيع الأستاذة الجامعية حنان غالي: «ليه.. هل الفتوي ستفسد إذا تنقلت بين المحافظات»؟

 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى