حسنا صَنَع السيد وزير العدل الأستاذ عبداللطيف وهبي، باقتراحه على السيد رئيس الحكومة سحب مشروع القانون الجنائي، الذي تعطلت مناقشته وبقي أسير أشغال اللجنة المكلفة منذ سنوات خلت دون أي أفق، لا يتعلق الأمر كما سوق البعض لذلك، بموقف من ما اختزل فيه الموضوع وهو «الإثراء غير المشروع»، بل يتعلق الأمر بقرار مدروس، يرمي إلى إعادة النظر أولا في المقاربة التي لن تكون تجزيئية مستقبلا، وثانيا، تشاورية، لكي لا تنقل إلى البرلمان تناقضات كان بالإمكان حل شفرتها والتنسيب من حِدتها خلال كتابة مسودة المشروع.
موقف منسجم، أيضا، مع ما عبر عنه فريق الأصالة والمعاصرة في الموضوع، خلال الولايتين المنصرمتين، ويعد امتدادا لمرجعيته المتمثلة في تقرير هيئة الانصاف والمصالحة، إن النص الجنائي كما المسطرة الجنائية ليست نصوصا معزولة عن بعضها، بل إنها تترجم «السياسة الجنائية» التي تضعها السلطة التشريعية، وتعمل السلطة القضائية على تنفيذها، في تقاسم للسلطة كما أراد ذلك دستور المملكة.
خارج «التجزيء» الذي يؤطر موضوع مراجعة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، فإننا نطرح السؤال الآتي، ألسنا في حاجة إلى ميثاق جديد للعدالة؟، إذا كان الميثاق الأول نتاج «الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة» فإن الميثاق الجديد يرمي إلى ما يلي :
– فتح نقاش حول القانونين التنظيميين للقضاء، في ضوء ما أبانت عنه الممارسة من قصور.
– إخراج القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية (الفصل 133 من الدستور).
– الهندسة الجديدة للقضاء التي أصبحت تدبر بمؤسستين «المجلس الأعلى للسلطة القضائية»، و«رئاسة النيابة العامة».
– مراجعة القانون المنظم للمعهد العالي للقضاء.
– تنظيم مناظرة وطنية حول «السياسة الجنائية» تجمع كل المتدخلين في الموضوع.
أفكار في حاجة إلى كثير من الاشتغال والضبط، لكن الأكيد أنها جزء من المشروع الذي يعتزم السيد الوزير تطبيقه في وزارة مطالبة من جديد على أن تشكل قاطرة لتحديث القضاء عوض توفير البنايات والموارد المالية لمرفقه…كما يتصور البعض…ربما…عن خطأ…
نائبة برلمانية
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا