نون والقلم

محمد يوسف يكتب: على خط النهاية

المتصارعون على النفوذ والمصالح، لا تهمهم حياة مئات من المهاجرين المحتجزين عند نقاط الحدود الفاصلة بين بيلاروسيا وبولندا.

هل تذكرون بولندا سنة 1980؟ يوم كانت رمزاً للنضال ضد الديكتاتورية، والغرب كله يقف خلفها، داعماً ومسانداً ومشجعاً، بل محرضاً زعماء الحركة العمالية، بقيادة «ليخ فاليسيا»، للدفاع عن مطالبهم بالحرية والديمقراطية، ورفض الهيمنة السوفييتية، وكانت بولندا يومها المسمار الأخير، الذي دق في نعش تلك الدولة العظمى.

بولندا الحرة والديمقراطية، تهدد اللاجئين عند بوابتها الحدودية، باستخدام الرصاص لمنعهم من عبور الحدود، دون مراعاة لحقوق الإنسان، ففي نظرها، ونظر الذين يساندونها، أن تلك الحقوق، لم تفصل لكل إنسان، بل هي لفئات يختارونها من بين البشر، ويبرزونها، متى كانت تخدم مصالحهم، وتحقق لهم مكاسب سياسية تقويهم، وتضعف خصومهم، وفي الجهة المقابلة، تفتح بيلاروسيا مطاراتها لجموع المهاجرين المتقاطرين عليها، عبر الطيران التركي، وتنقلهم إلى بوابات الحدود البولندية، لتحدث ضغطاً لتلك الدولة، التي لا تحتمل تكدس المهاجرين غير الشرعيين.

وللأوروبيين الذين سيكونون الملاذ الأخير لهؤلاء الحالمين بحياة كريمة، بعد أن قست عليهم بلادهم، وبيلاروسيا حليف يتبع الجارة الكبرى، روسيا الاتحادية، التي اكتشفت بعد 30 عاماً، أن الغرب العابث بأمن واستقرار الآخرين، بحاجة إلى مناوشات تقلق راحته، وتغير من تركيبته الاجتماعية، وتهز اقتصاده، والغرب يريد أن يعاقب بيلاروسيا، لتحالفها مع روسيا، وتركيا تريد المليارات التي وعدهم بها الاتحاد الأوروبي، إذا أوقفوا تدفق المهاجرين، وعندما نفذوا المطلوب منهم، وحجزوا على أراضيهم مئات الآلاف، واختل توازن الحياة في بلادهم، وتأثر اقتصادهم، وهبطت ليرتهم، لم يروا شيئاً من تلك المليارات.

هذه مواجهة جديدة، ينشغل بها العالم، طرفاها بيلاروسيا وبولندا. بالوكالة عن اللاعبين الكبار، والضحايا، هم أولئك المخدوعون. الذين وضعتهم الأقدار على خط النهاية، ليواجهوا الموت، وهم الهاربون من الموت!

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى