مع اختلاف الأزمنة وتسارع وتيرة الحياة. تمُر على الإنسان لحظات من الحنين لسيرة الطيبين الذين رحلوا تاركين إرثًا من الشهامة والأصول.. يحيلنا ذلك إلى مواقف الرافضين لرؤى وثوابت الرجال المتمسكين بتلابيب العادات والتقاليد، والذين يخوضون حربًا ضروسًا للبقاء على قيد الحياة، فهناك شرذمة بائسة تحاول تطويق وحصار عادات تربينا عليها، بسبب عدم التأقلم والانصهار في بوتقتها، تراهم في النزع الأخير يتخبطون يمينًا ويسارًا عندما يفُتح أمامهم الحديث عن العُرف السائد، والذي يحتكر افتراضيًا بحكم التاريخ في صعيد مصر، إنها المدرسة المجانية المفتوحة لتعليم فنون التعامل مع الآخرين.
فدستور الصعيد يحمل في طياته الخير الوفير، يستهلك ما يريد والباقي يتم تصديره إلى البلدان المجاورة. وحديثي هنُا ليس كوني صعيديًا منحازًا لجذوري. ولكن شهادة الحق يجب أن تقص على الجميع حتى لا يخلط الحابل بالنابل. ويأتي حديثي اليوم عقب خروج البعض من عباءتنا وتمزيق دستورنا. وتجلى ذلك في التقليد الأعمى «للبندر» سواء في ارتداء الملابس وتسريحات الشعر الشيطانية. وتسقيط البناطيل حتى تكاد تظهر مؤخرتهم أمام العوام!! .
وبحكم الغيرة المشروعة عندما أطالع تلك الأفعال المُشينة الدخيلة على بلادنا، ومجتمعنا. أشعر بضيق شديد وأعتقد أنها بداية الطريق نحو التنازلات والتي يتتبعها أشياء أخرى. ولو عدنا لبداية المرض سنجد أن رب البيت المسؤول عن الأسرة قرر في حقبة زمنية ما إفلات زمام الأمور وفرط الحبل على آخره، تحت بند «خلي العيال يعيشوا يومين» ولماذا نحن لم نعش يومين في الخلاعة!.. لماذا لم تذلف أقدامنا نحو جرف هارٍ وطريق اللاعودة؟!! لماذا ولماذا، ليتنا نعود بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذه فالتاريخ لن يرحم أحدًا.
ما يحدث نذير لمن يهمه الأمر، ويجب التحرك لإنقاذ التاريخ فهو الآن يصارع أمواج هادرات بسبب شروع الجوقة المستحدثة لتغيير هوية بلادنا.. الصعيد المصري الأصيل بات مستهدفًا، ليس كأي وقتٍ مضى، فالبعض من الكبار أثروا على أنفسهم البقاء في المنطقة الآمنة وعدم الدخول في سجال مع الآخرين أو داخل الأسرة، «بمبدأ ريح تستريح» وهو جرم كبير، يا سادة نحن أمام خطر لو تعلمون عظيم!!.
وفي خضم التحولات الدراماتيكية الطارئة علينا، غدى الشباب يتحدث بلغة مختلفة تمامًا تنم عن عدم الاحترام والأدب والذوق، فعندما تناقش شابًا يلقمك بالحجارة مدافعًا عن تصرفاته الخاطئة بشكل جنوني ملحوظ، يسير الريبة والشك، ولو دققت قليلًا في تشريح الشخصية ستجد الوعي في ذمة الله، رغم التكنولوجيا التي نعيش فيها وأصبحت تلتهم عقولنا، ولكن بالطبع استخدمنا كل شيء بشكل خاطئ، وأصبح غالبية الشباب يبحثون عبر السوشيال ميديا عن تسريحة جديدة أو بنطال مختلف أو كيف ينال من الكبار بألسنة حداد، مع الأسف الشباب أصبح أسيرًا للتقليد الأعمى، ليتهم يفعلون ذلك في إحياء العادات والتقاليد!! .. والسؤال هل نعثر على من يُعيد التاريخ؟
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا