«عيد الجهاد رعاك الله من عيد أنـت الأحق بـتقديس وتمجيد» بهذا البيت الشعرى عبر الشاعر أحمد الكاشف عن عظمة عيد الجهاد في قلوب المصريين، والذي يعد أول مواجهة حقيقية مع المستعمر البريطاني، والشرارة الأولى لاندلاع ثورة 1919 وحصول مصر على الاستقلال وتأسيس القومية المصرية.
بقامات معتدلة ورؤوس مرتفعة ونظرات قوية، ذهب سعد باشا زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي لمقابلة المعتمد البريطاني في مصر السير ريجينالد وينجت، في يوم 13 نوفمبر عام 1918 لإبلاغه رغبتهم في المشاركة في مؤتمر باريس للسلام، للمطالبة بإنهاء الحماية البريطانية على مصر. إلا أنه رفض ذلك باعتبارهم لم يحصلوا على تفويض للحديث باسم الشعب. لم ييأس سعد باشا وبالفعل بدأ جمع توكيلات بعد تأسيس الوفد.
انزعجت الإمبراطورية البريطانية بسبب تلك التوكيلات، واهتزت أركانها للتصدي بكل حسم لتلك المطالبات، فارتكبت أكبر خطأ بالقبض على زعماء الوفد ونفيهم، لتندلع ثورة 1919، بكل قوة حتى شلت حكومة الاحتلال التي فوجئت بهذا الغضب الشعبي، ما أجبر السلطات البريطانية على التراجع والإفراج عن سعد باشا ورفاقه والسماح لهم بالسفر لعرض قضية مصر في مؤتمر حق تقرير المصير.
حمل عيد الجهاد رسائل عديدة ومبادئ سامية تأسس عليها حزب الوفد، وسار عليها زعماؤه، وكان أهمها التضحية بكل غالٍ ونفيس من أجل حماية الوطن، وبذل كل الجهود من أجل خدمة مصر والمصريين، وترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية الذي يعد أحد أعمدة الحزب منذ نشأته، فاتخذ شعار الهلال الذي يحتضن الصليب، ووضع حجر أساس الديمقراطية التي ظل الوفد يتحلى بها على مدار ما يزيد على مائة عام، والتأسيس للمواطنة المصرية، والسعي من أجل حصول كل مصري على حقوقه وحريته.
جميع تلك القيم والمبادئ التي رسخها سعد باشا زغلول ورفاقه منذ يوم الجهاد. وما تبعها من أحداث أدت إلى حصول مصر على الاستقلال، والحرية. وميلاد القومية المصرية، تستدعى أن نعيد جعل هذا اليوم عيداً قومياً للبلاد بعد أن توقف الاحتفال به رسمياً عام 1953. حتى تعرف الأجيال الصاعدة كيف جاهد أجدادهم من أجل تحرير هذا الوطن ورفعته. وليستلهمو روح الفداء والعزيمة والإصرار على النهوض ببلادهم في مختلف المجالات لتتربع مصر على عرش العالم.
باختصار.. لا يمكن أن ننسى هذا اليوم المجيد في تاريخ مصر الذي خلص البلاد من الاستعمار البريطاني. وأسس للدولة الحديثة، وعكس للعالم قوة الشخصية المصرية، وسيظل عيداً خالداً في قلوب الشعب المصري كله.. فكل عام وجميع المصريين في حرية ورخاء.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا