حذر أبو بكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، من انهيار وشيك للاقتصاد الإثيوبي، بسبب عمليات الاقتتال الداخلي والحرب الأهلية.
اقرأ أيضا:
-
الأمم المتحدة: الصراع المستمر بإقليم تيغراي الإثيوبي بلغ مستويات «كارثية»
-
للمرة الرابعة خلال أسبوع.. سلاح الجو الإثيوبي يقصف عاصمة تيغراي
-
آبي أحمد: نمر بوقت عصيب وتضحيات المواطنين ستنقذ إثيوبيا
-
أبو بكر الديب: 2022 عام انتعاش الاقتصاد السعودي وارتفاع النفط
وقال إن إثيوبيا تعيش أزمة اقتصادية طاحنة بسبب وقوعها في العديد من الديون العاجزة عن سداداها. فضلا عن الكوارث والمجاعات في إقليم تيغراي وغيره من اقاليم الدولة المختلفة.
وأشار «الديب» إلى بيان الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة إنه لا توجد فرصة كبيرة لإنهاء القتال في إثيوبيا، في حين حذرت الأمم المتحدة من أن خطر انزلاق إثيوبيا في حرب أهلية واسعة النطاق «حقيقي للغاية».
وأوضح أن استمرار الصراع في إقليم تيغراي يضاعف الديون الخارجية على أديس أبابا ويضع الاقتصاد الإثيوبي في أزمة خانقة.
إثيوبيا تعاني من انهيار اقتصادي وحروب عرقية وأهلية
وذكر أن البلاد تحت حكم النظام الحالي والحكومة الحالية تنهار تماما، حيث تعاني إثيوبيا من انهيار اقتصادي وحروب عرقية وأهلية باتت أكثر عنفا، فضلا عن الدبلوماسية الخارجية الفوضوية التي يقوم بها النظام الأثيوبي الحالي.
وقال مستشار المركز العربي للدراسات: إن معدلات التضخم في إثيوبيا سجلت ارتفاعات كبيرة، الأمر الذي أدى الي تعرض البلاد لفيضان من الأنباء الاقتصادية السيئة وفي الأسابيع الأخيرة ارتفعت أسعار الوقود بشكل كبير جدا كما تضاعفت أسعار النقل والمواصلات وكذلك السلع الأساسية والاستهلاكية وإغلاق العديد منه المصانع في أديس أبابا وغيرها من أقاليم البلاد.
وعلى صعيد التصنيف الائتماني، قال الديب: إن وكالة التصنيف الائتماني العالمية «فيتش» خفضت تصنيف إثيوبيا من B إلى CCC بسبب ضعفها الوشيك تجاه التأثر بالتخلف عن سداد ديونها الخارجية، حيث أنه من المتوقع أن تضطر إثيوبيا إلى دفع 5 مليارات دولار أمريكي على ديونها الخارجية المستحقة التي تبلغ حوالي 30 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022 مقابل 3 مليارات دولار أمريكي من الاحتياطيات الأجنبية في النظام المصرفي، وخاصة في البنك المركزي الإثيوبي.
العملة الإثيوبية «البر» في حالة سقوط حر بالسوق السوداء
وأضاف أن الحروب الأهلية زادت من استشراء الفساد بجميع المؤسسات بلا هوادة وقد توقع صندوق النقد الدولي أن صورة النمو للناتج المحلي الإجمالي الإثيوبي ستكون أكثر قتامة بكثير من توقعات الحكومة بهامش واسع ( حيث توقع الصندوق نمو الناتج المحلي ما بين 1.9 إلى 0% مقابل 6 إلى 7 بالمئة من قبل الحكومة)، كما أنه من الواضح أن العملة الإثيوبية (البر) في حالة سقوط حر في السوق السوداء، حيث انخفضت إلى ما يصل إلى 55 بر لكل دولار أمريكي في الأسابيع الأخيرة ويتجه منحنى الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر نحو الانخفاض، فضلا عن تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية ومن المتوقع زيادة حدة الضائقة المالية مع زيادة محفوفة بالمخاطر في عمليات تمويل العجز المصرفي وعلى عكس موقف الحكومة المتفائل للغاية، فإن البطالة آخذة في الارتفاع بسبب الزيادة في اغلاق المصانع، ويعيش حوالي ثلث السكان تحت خط الفقر، ويبلغ متوسط الدخل السنوي 850 دولارًا فقط للفرد.
خسائر بشرية هائلة وسقوط آلاف القتلى
وأوضح أن الحرب في إثيوبيا، أسفرت عن حدوث خسائر بشرية هائلة وسقوط آلاف القتلى. فضلا عن تشريد ملايين آخرين، لكن ذلك لم يكن الضرر الوحيد الذي منيت به ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث تعداد السكان، بل كبدت الحرب البلاد تكلفة اقتصادية ضخمة، قد تستغرق سنوات لإصلاحها حيث تظهر الإحصاءات الرسمية أن تكلفة السلع الاستهلاكية الأساسية ارتفعت بالفعل في إثيوبيا، ما رفع معاناة الإثيوبيين البالغ عددهم 110 ملايين شخص من الكلفة الاقتصادية الضخمة للحرب.
وأشار الديب إلى تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، بأن الصراع في حرب التيجراي استنزف أكثر من مليار دولار من خزائن البلاد، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي لبحث الأزمة في إثيوبيا. مؤكد أن الاقتصاد الإثيوبي قبل وباء كورونا وحرب تيجراي، كان من أسرع الاقتصادات نموًا في المنطقة، حيث توسع بمعدل 10% سنويا في العقد الاخير حتى عام 2019، وان الحرب كان لها تأثيرا كبيرا على سمعة البلاد كمكان للاستثمار ومن المتوقع أن يصل الدين الوطني الإثيوبي، إلى 80 مليار دولار هذا العام، أو ما يقرب من 80% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنه من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي الإجمالي لإثيوبيا، لهذا العام بشكل كبير من 6% في عام 2020 إلى 1% فقط في عام 2021 وهو أدنى مستوى له منذ ما يقرب من عقدين وتستورد البلاد حوالي 14 مليار دولار من البضائع سنويا، بينما تصدر 3.4 مليار دولار فقط.
خسائر فادحة للاقتصاد بسبب سياسة آبي أحمد
وأوضح أن سياسة الإدارة لأمريكية بقيادة جو بايدن، تهدف لممارسة ضغط كافٍ على رئيس الوزراء الإثيوبي، لإنهاء الحرب دون عزل إثيوبيا تمامًا.
وقال أبوبكر الديب، إن الاقتصاد الإثيوبي تعرض لخسائر فادحة بسبب سياسات آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، تجاه شعبه.
وأضاف «الديب» أن سياسات آبي أحمد أشعلت الحروب الأهلية وتسببت في إلحاق الأضرار للبنية التحتية. فضلا عن وتداعيات فيروس كورونا، مؤكدًا أن خسائر الأولية تصل إلى 100 مليار دولار.
وأردف الخبير الاقتصادي، أن قطاعات كثيرة في إثيوبيا تعرضت للخسائر منها شركات الكهرباء والاتصالات والبترول والطيران، والبورصة والبنوك. لافتًا إلى أن شركة إثيوتليكوم للاتصالات تجاوزت خسائرها 32.5 مليون دولار.
وتابع أن حرب رئيس الوزراء الإثيوبي، ضد «جبهة تحرير تجراي». نتج عنها أضرار جسيمة على البنية التحتية في الإقليم وقطع الاتصالات والكهرباء. بالإضافة إلى الأضرار التي طالت المرافق الخدمية والمؤسسات العامة، وعلى رأسها مطار مدينة أكسوم التاريخية.
كما أضاف أبو بكر الديب أن سياسة رئيس الوزراء جعلت إثيوبيا تعيش حرب أهلية عرقية بين عرقيتي الأمهرة والأورومو وهي حرب مدمرة حيث يعيش الآلاف من الإثيوبيين في مخيمات اللاجئين بالسودان المجاور بسبب الصراع الدائر في بلادهم، بعد قُتل الآلاف وتشريد الملايين
كما أن الإنفاق على المجهود الحربي والعسكري في إثيوبيا أثر سلبا علي الناتج المحلي وسعر الصرف. ويعيش أكثر من 400 ألف شخص في تيجراي بالفعل في ظروف شبيهة بالمجاعة. وكان للحرب تأثير كبير على سمعة إثيوبيا كمكان للاستثمار.
وأشار إلى أن الصراع في إقليم تيجراي أدى إلى ارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة وانهيار اقتصادي فضلا عن تخفيض تصنيفها الائتماني، حيث أغلقت أثيوبيا سفارتها في 31 دولة بسبب أزماتها الاقتصادية ومن أبرز السفارات التي سيتم إغلاقها في مصر والجزائر والمغرب وساحل العاج والكويت وإندونيسيا وأستراليا وكوبا والبرازيل وكندا وزيمبابوي وسلطنة عمان. كما أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها بصدد إغلاق قنصليات في «لوس أنجلوس ومينيسوتا وفرانكفورت وإسطنبول ودبلين ومومباي وووهان. فضلا عن السنغال وغانا ورواندا والكونغو وكوريا الجنوبية وقطر وتنزانيا والبحرين والسويد ».
ويأتي قرارات الإغلاق ضمن خطة التقشف التي بدأت فعليا بتنفيذها الحكومة الإثيوبية لإيقاف نزيف ارتفاع التكاليف التشغيلية.
طالب بتحرك دولي سريع لوقف الحرب في إثيوبيا
وطالب الديب بدور أكبر للاتحاد الأوروبي للضغط علي رئيس الوزراء الإثيوبي لوقف الحرب. مشيرا إلى أن الاتحاد سبق وأن أعرب عن قلقه بشأن التصعيد والقتال في إثيوبيا. بعد القصف الجوي من قبل القوات الجوية الإثيوبية لمواقع في ميكيلي بإقليم تيجراي. مؤكداً أن كل تلك الأعمال تهدد بجر البلاد أكثر إلى تفتيت ونزاع مسلح واسع النطاق وتفاقم أوضاع السكان. وأكد الاتحاد الأوروبي مجددًا أنه لا يوجد حل عسكري، داعيًا جميع أطراف النزاع إلى تنفيذ وقف إطلاق نار ذي مغزى بأثر فورى والمشاركة في مفاوضات سياسية دون شروط مسبقة، وإظهار المسؤولية والقيادة السياسية.
كما دعا الديب، لدور أكبر لإيطاليا في إثيوبيا لما بين الجانبين من علاقات متميزة. والثقل الايطالي على المستوي الدولي وداخل الاتحاد الاوروبي.
كما حذر من أن تفتيت إثيوبيا سيشعل الصراعات في القارة الإفريقية. بل وفي العالم أجمع ولابد من تحرك دولي سريع لوقف الحرب في إثيوبيا.
نون – القاهرة