ذكرت في مقالات متعددة منذ عدة أشهر أن إثيوبيا مقبلة على مرحلة خطيرة من الصراع العسكري فيها قد ينتهي بتفكك إثيوبيا. كما تفككت يوغوسلافيا من قبل.
وقلت إن آبي أحمد أدخل إثيوبيا في صراع وجودي ضد مصر والسودان. وأن الصراع في إثيوبيا بين جيوش أقاليمها لم يعد صراعا داخليا ولا إقليميا. ولكنه أصبح صراعا عالميا تشترك فيه أمريكا والصين وروسيا بشكل كبير. وهو ما جعل الأحوال تصل إلى ما هي إليه الآن من تحرك قوات تحالف التيجراي والأورومو لحصار العاصمة أديس أبابا. وانضمام مجموعة أخري من الحركات المسلحة والعرقيات الأخرى. وكذلك الخروج للدبلوماسيين وعائلاتهم وتحذيرات عدة دول لمواطنيها بالإسراع للسفر خارج إثيوبيا وعلى رأس هذه الدول أمريكا وهو القرار الذي أكد أن الأوضاع داخل إثيوبيا أصبحت خارج السيطرة.
ولا يبدوا في الأفق حلا لهذه الحرب الأهلية وفتح بابا كبيرا لأطياف عديدة من السيناريوهات التي قد تصل إلى تغيير حدود الدول سواء كانت إثيوبيا أو إريتريا أو جيبوتي أو الصومال في حالة استمرار حالة الحرب واتساعها وهو السيناريو المرجح حتى الآن .
بالعودة إلى مصر والسودان سنجد أن مصر يهمها في المقام الأول زوال خطر سد الموت الأثيوبي الذي تم الملء الأول والثاني فيه رغما عن إرادة الدولتين ودون أي تشارك معهما أو تشاور وهو ما يعني أن لابد لمصر من سيناريو أو عدة سيناريوهات للتخلص من هذا الخطر. والذي لن يكون عن طريق التفاوض العبثي. الذي أضاع عشر سنوات كان من الممكن الوصول لاتفاق خلالها بين الدول الثلاثة يكون مفيدا لهم جميعا.
ولكن القادة في إثيوبيا اختاروا أن تكون المعادلة صفرية. وأن يستحوذوا على كل شيء ولا يستفيد أحدا غيرهم. حتى وإن كان الثمن ضياع مائة وخمسين مليون مواطن مصري وسوداني سيموتون عطشا وجوعا بعد منع مياه النيل من جريانها. والتي لم تنقطع منذ أراد الله لها أن تجري.
والسيناريو الأقرب للتطبيق هو عودة إقليم بني شنقول إلى أحضان السودان. وهو إقليم مازال يحمل الثقافة الدينية والثقافية العربية السودانية حتى الآن. رغم محاولات القيادات الإثيوبية تغيير الهوية في هذا الإقليم. وهذا السيناريو لا يوجد عائق قانوني أو دولي أمامه إذا طبقنا معاهدة 1902 المعترف بها دوليا. والتي وقعت عليها إثيوبيا وهي دولة مستقلة. والتي أعطت لها إقليم بني شنقول في مقابل عدم بناء أية سدود على نهر النيل. وهو ما لم تلتزم به إثيوبيا كما أن التصريحات السودانية قريبا تحدثت عن عودة الإقليم للوطن الأم له السودان. وعقبة هذا السيناريو الآن هو الأحوال السياسية الحالية فيه والتي لم تصل إلى أية حلول بين المكون العسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان والمكون المدني بزعامة رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك ومازالت المفاوضات مستمرة حتى هذه اللحظات.
السيناريو الأخر هو تدمير السد بيد جماعة مسلحة إثيوبية ولا أظن أن إثيوبيا حاليا تستطيع الدفاع عن هذا السد في ظل ظروف الحرب الدائرة هناك و لو لم تستغل مصر هذه الأجواء و انتظرت حتى تستقر الحرب في إثيوبيا فمن الممكن أن تدعم القيادة الجديدة بعد آبي أحمد استكمال السد وتعتبره حلما إثيوبيا لابد من تحقيقه فنعود مرة أخري إلى ما كنا عليه من دعاية وحروب إعلامية وملء ثالث ورابع وعاشر للسد وهو ما لن تقبله مصر.
وأنا أثق أن القيادة السياسية والجيش المصري والمخابرات العامة وكل الشعب المصري لديها من البدائل العديدة التي تدفع به الضرر عن مصر لكي تظل مصر أمنة كما أراد الله لها.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا