في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبحنا جميعًا معرضين لرؤية المشاهد الدموية واستعراض تفاصيل الجرائم على منصات التواصل الاجتماعي دون أي رقيب أو تمييز للعمر، فبضغطة زر واحدة يستطيع أي طفل أو مراهق الوصول إلى متابعة تلك المناظر البشعة التي تؤثر عليه نفسيًا، وتجعل منه إنسانًا مشوهًا، وتدمر أعصابه، وتجعله يشعر بالخوف والقلق النفسي وانعدام الأمان، ومع تكرارها يزداد خطر الرغبة في التقليد.
منذ أيام قليلة ماضية، أفزعتنا صور وفيديوهات دموية تحمل مناظر مروعة في غاية البشاعة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي لشخص يرتدي ملابس سوداء ويحمل سلاحًا أبيض يذبح به آخر ويقطع رأسه ويفصله عن جسده على مرأى ومسمع من العامة، ثم يحمل رأسه بين يديه ويتجول به في شوارع الإسماعيلية بين المواطنين بكل هدوء وثبات دون أدنى حرج، وكأنه يستعرض قواه العضلية والعصبية ويتباهى بها.
لم يكن هذا الفيديو الأول من نوعه الذي ينتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي. ليصل لأيادي الأطفال قبل الكبار، وإنما سبقه العديد من أمثال هذه الجرائم. التي يتهافت على مشاهدتها المراهقون والتي تستثير فضولهم. لرؤيتها والتعايش معها، حتى تخلق داخلهم الرغبة العمياء في التقليد. وتجريب تلك الممارسات على أرض الواقع للشعور بنفس لذة هذا المجرم.
لا أحد ينكر أن جريمة الإسماعيلية بشعة كغيرها من الجرائم التي انتشرت مؤخرًا بشكل مُفزع وأنها تستحق الاستهجان والنبذ من المجتمع، ولكن من المستفيد من نشر هذه الفيديوهات التي تحول مشاهدها تدريجيًا لإنسان سادي يعتاد النظر للدماء دون توتر أو ارتجاف حتى يصبح أكثر ميلًا للسلوك الإجرامي، ثم يجد نفسه مقبلًا على ارتكاب الجريمة تحت تأثير لذة المشاهدة وحب التقليد دون وعى منه.
أناشد جميع المسئولين في الدولة والقائمين على الإعلام بتطبيق عقوبات صارمة على كل من ينتهك حقوق الإنسان ويخل بأخلاقيات الإعلام، وينشر تلك الفيديوهات المدمّرة للمجتمع، وأوجه رسالة لهم: أرجوكم واجهوا نشر فيديوهات الدم والجريمة حتى لا يعتاد المجتمع تلك المشاهد، ونخلق مجرمين جددا، وحتى لا نجد أطفالنا في قبضة العنف والإجرام.
وأدعو أولياء الأمور إلى زيادة الرقابة على أبنائهم لحمايتهم من رؤية تلك المشاهد العنيفة. وتقويم سلوكهم حال شعورهم بأي اختلال، وتوعيتهم بخطورة مشاهدة تلك الفيديوهات. كما أحذر الجميع.. نشر تلك الفيديوهات يضر بكل فئات المجتمع، ويجب الاكتفاء بإرسالها للجهات المعنية المختصة بالتحقيقات فحسب، وليس عرضها على العامة.. فعلينا جميعًا أن نتحمل المسئولية المجتمعية ونحمى الأجيال القادمة من خطر نشر هذه الجرائم لأنها تضر بمستقبل هذا البلد.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا