ينتهي غداً الأسبوع العالمي «للدراية الإعلامية والمعلوماتية».. وهو الأسبوع الذي أقرته الأمم المتحدة واحتفلت به في مدينة فاس المغربية منذ 11 عاماً وبالتحديد في عام 2010.. وهذا الأسبوع يهدف لاستعراض التقدم المحرز نحو ضمان انتفاع الجميع بالدراية الإعلامية والمعلوماتية، أي الحصول على المعلومات الحقيقية من مصادرها.. وأن يصل المواطن إليها بسهولة ويسر ودون أي قيود.
وفي عام 2010، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاحتفال بهذا الأسبوع. وأشارت إلى الحاجة إلى نشر معلومات واقعية وهادفة وواضحة ومتاحة ومتعددة اللغات وعلمية. وفي الوقت المناسب على المواطنين.
وقالت اليونسكو: إن عقولنا بحاجة إلى الحصول على المعلومات كي تعمل على أكمل وجه. وتتسم جودة المعلومات التي تصل إلينا بأهمية كبيرة. كونها تسهم إسهاماً كبيراً في فهمنا لما يجرى من حولنا. فضلاً عن دورها في صقل معتقداتنا وتحديد مواقفنا.
ولكن تبقى قضية تفرض نفسها على العالم الآن. وهي التضليل المعلوماتي ففي الفترة التي انطلق فيها الأسبوع العالمي للدراية المعلوماتية. انطلقت معها حرب معلوماتية تقوم على التضليل والتشويه وظهور مجموعات أشبه بالمرتزقة. وغرف لصناعة الشائعات في كل مكان. وأصبح التضليل المعلوماتي أداة سياسية في يد دول وجماعات للانتقام من خصومها.
ورأينا منذ فترة الحديث عن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ودعم مرشحين بأعينهم ونفس الأمر في أوروبا، ورأينا أيضاً المعركة التي دارت بين الصين وبي بي سي في مارس الماضي بعد عرض فيلم وثائقي عن حملات التضليل المعلوماتي الصينية للتصدي لأخبار ما تتعرض له الأقلية المسلمة في الصين، وإغلاق سلطات السمع والبصر البريطانية عدداً من المنصات الإعلامية الصينية في لندن لقيامها بالتضليل الإعلامي.
وتزيد حملات التضليل المعلوماتي مع القيود الحكومية على تداول المعلومات ورفض إصدار قوانين ديمقراطية تتيح الحصول على المعلومات بسهولة ويسر، وتتيح حق ممارسة النقد للمسئولين ورفع الحصانة عن أي شخصية تتصدى للعمل العام.. العلانية والشفافية هو أداة مهمة للتصدي لحملات التضليل المعلوماتي، وهي وقاية من حروب الشائعات التي تتعرض لها بلاد كثيرة الآن.
ويجب دعم وسائل الإعلام المهنية المحترفة وتقويتها في مواجهة مواقع التواصل الاجتماعي التي هي المنصة الأساسية في عمليات التضليل المعلوماتي في مواقع تقوم على ما يكتبه الأفراد والجماعات السياسية والفكرية، وكل يروج للمعلومات التي يريد إيصالها والترويج لها بالأموال حتى تصل إلى أكبر عدد من المواطنين. في حين تواجه وسائل الإعلام المهنية المحترفة حرباً حكومية وحصاراً مالياً رغم قدرتها على التصدي لهذه الحملات، ولكن أعداء الحرية في كل مكان يرفضون دعم حرية الإعلام حتى لا تكشف فسادهم، ويلصقون كل جرائم مواقع التواصل الاجتماعي بوسائل الإعلام والصحافة المهنية المحترفة.
إن مواجهة التضليل المعلوماتي مسئولية الحكومات أولاً، ويجب أن تتحرك مجتمعة لإخضاع مواقع التواصل الاجتماعي للقواعد والقيود الأخلاقية للصحافة والإعلام التي تعاقب الصحفي والإعلامي والوسيلة، ولكن القوانين تعاقب المدون أو المغرد ولا تستطيع معاقبة الوسيلة، في حين القوانين في الغرب تعاقب هذه المواقع التي سددت في السنوات الماضية ملايين اليوروهات غرامات وتعويضات للحكومات هناك.
مواجهة التضليل المعلوماتي لا تكون إلا بمزيد من الحرية واحترام حرية الرأي والتعبير والمصارحة والمكاشفة في كل شيء يهم المواطن والوطن، واحترام التنوع والتعدد الإعلامي ودعمه بكل الوسائل المتاحة لمواجهة ما هو آتٍ من حملات تضليلية مكثفة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا