نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: ريش وقضيه الإبداع في مصر

قضية الفقر في مصر والعشوائيات ستظل محور للنقاش والإبداع.. رغم ما يجري على الأرض من عمل لتقليل هذه النسبة إلى الحد المقبول عالمياً .. وعندما يأتي فيلم أو مسلسل ليلقي الضوء عليها فهو أمر طبيعي. لأن جزءاً كبيراً من أهلنا يعيش في هذه الحالة أو كان يعيش فيها.

وفيلم ريش الذي أثار الضجة حوله عندما عرض في مهرجان الجونة السينمائي ألقي الضوء عليها.. ووفقاً لما كتب عنه لأنني لم أشاهده فهو عمل إبداعي يجوز الخلاف حوله وينقسم النقاد بين مؤيد ورافض له.. لكن لا يجوز أخذ الفيلم إلى ساحة القضاء لأنه تعبير عن الرأي في قضية يهتم بها رئيس الدولة شخصياً.. وحلم حياته أن ينهيها. ومن أجل تحقيق حلمه طرح عدداً كبيراً من المبادرات لتحجيم قضية الفقر والعشوائيات إلى أدنى مستوى لها.

فالرافضون لفكرة تناول السلبيات في المجتمع المصري في الدراما أو السينما عليهم أن يقدموا البديل الذي يعزز الإيجابيات ويعيد للمجتمع المدني قيمه التي افتقدناها ومنها التراحم بين المصريين، ويوعي الناس بضرورة الحفاظ على الإنجازات التي تحدث على الأرض حتى لا يكون مصيرها مثل القطاع العام.

فالدراما تقدم لنا في شهر رمضان مثلاً مسلسلات عنف وعري وخمر، وتظهر المجتمع المصري يعيش في قصور وفلل.. في حين تقدم لنا الأفلام السينمائية الابتذال والإسفاف بدعوى أن السوق عاوز كدة.

الجدل حول فيلم ريش تكرر في حياة المصريين كثيراً، وقضية المنع أو الحجب فشلت مع مرور السنين، فكل ما تم منعه في الماضي أصبح متاحاً ومباحاً الآن، بل حصل على جوائز دولية وعلى رأسها جائزة نوبل للأديب الكبير نجيب محفوظ عن رواية «أولاد حارتنا».

فالناس لابد أن تعلم أن الإبداع لا حدود له. وأن المبدع لابد أن يخرج بما يقدمه عن إطاره التقليدي. وألا يكون ما يقدم إلا تجسيداً للواقع فقط لاغير. وبالتالي سيكون مصير العمل الفني النسيان في حين تصنع الأعمال الفنية لتبقى خالدة.

فما زالت الأعمال الفنية الأكثر إبداعا على مر السنين هي الباقية في ذهن الناس ومتابعي الفن والأدب أياً كان نوعه، وبالتالي فمحاكمة الإبداع لا تكون إلا بالحوار الفني الراقي بين المبدع والنقاد والجمهور حتى نرتقي بالمجتمع.. ولا تكون سبيلاً للمزايدة السياسية أو المكايدة.

فلا يوجد عمل فني يسىء لدولة مهما كانت كبيرة أم صغيرة، ولكن الذي يسىء إليها المنع والحجب واللجوء إلى القضاء من قبل المحتسبين الجدد الذين عينوا أنفسهم حماة للفضيلة في المجتمع، والذي يسىء لأي مجتمع حالة التربص والترصد التي يحملها البعض ضد الآخرين، في ظل وجود أعداء يتدخلون لإشعال الموقف مثلما حدث حول مهرجان الجونة نفسه فاللجان الإلكترونية الإخوانية والسلفية أشعلت الفتنة بين المصريين حول أزياء الفنانين المشاركين في المهرجان. وانجر وراءهم إعلاميون وصحفيون يعلمون أن المهرجانات الفنية في العالم ومنذ اختراعها وسيلة للترويج لبيوت الأزياء العالمية والمحلية.

فالحرية هي الأساس في علاج أي مشكلة تطفو ومناقشتها بصوت عالٍ ومعرفة أسبابها وكيفية علاجها أمر يسرع من علاجها مع مشاركة الناس فيها، وحماية الإنجازات التي تتم في مصر تحتاج أيضا إلى مشاركة المستفيدين منها لحمايتها والحفاظ عليها.. فقضية الفقر والعشوائيات ستظل موجودة في الإبداع إذا بقيت موجودة، وعندما تنتهي هذه القضية ستشاهد الأجيال القادمة هذه الأعمال وتخلد اسم من عمل على انهائها بجدية وفيما يشبه المعجزة.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى