تتعاظم أهمية الاستثمار السياحي باعتباره موردًا اقتصاديًا هامًا، ربما يفوق نشاطات اقتصادية تقليدية. الأمر الذي جعل منه سوقًا تنافسيًا عالميًا في العقود الأخيرة بعد أن تحول إلى صناعة هامة وأحد روافد الدخل القومي والتنمية المستدامة.
ولأن مصر دولة حباها الله بثروة طبيعية هائلة وفريدة في هذا الجانب، وبتنوع سياحي حيث المناخ الجاذب صيفًا وشتاء، وبالحضارة العريقة الضاربة في جذور التاريخ بآثارها المتنوعة فرعونية ويونانية رومانية وقبطية وإسلامية وأيضًا السياحة العلاجية والدينية والمؤتمرات، وجميعها تمتاز بتنوع جغرافي في شتى ربوع مصر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
وإذا أضفنا إلى كل هذا حالة الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الذي تتمتع به مصر. فإننا نصبح أمام أكبر مشروع للاستثمار السياحي يجب أن يتحول إلى هدف استيراتيجي. بحيث تكون مصر واحدة من أهم مقاصد السياحة في العالم.
والحقيقة إن مصر التي تحركت في شتى الاتجاهات منذ سبع سنوات لاستعادة مكانتها على شتى الأصعدة والاستفادة من كامل ثرواتها تشهد الآن اهتماما كبيرا يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا القطاع، ورأينا متابعته الدقيقة وتصدره لمشهد موكب المومياوات الملكية وافتتاح متحف الحضارة بالفسطاط، وكان تطوير المنطقة المحيطة بكاملها بمثابة إعلان الوعى الثقافي بأهمية وقيمة الجذب السياحى.
ومنذ أيام قليلة مررت من أمام المتحف المصري الكبير في منطقة الرماية، وانتابتني حالة من الذهول والفخر في آن واحد بعد أن تغيرت ملامح المنطقة بالكامل وبشكل يشبه المعجزة، لأنني حضرت وضع حجر الأساس لهذا المتحف قبل عقدين في حضور الرئيس الأسبق مبارك والفنان المبدع فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق صاحب فكرة هذا المشروع، والذي كان يمثل له حلمًا عظيمًا وبأفكار خيالية تتحقق الآن على أرض الواقع بشكل يفوق كل الطموحات بعد أن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى توجيهاته بتطوير كامل المنطقة.
الحقيقة أن مصر تخطو نحو المستقبل بركيزة أساسية واضحة تنطلق من رؤيتها الحضارية التاريخية بهذا المتحف. الذي يعد أكبر مشروع حضاري ثقافي علمي في العالم. وما يتم الآن من تحديث شامل للمنطقة. وبانوراما المتحف مع الأهرامات هو بمثابة إعلان تلاقي حضارتين لمصر قبل آلاف السنين ومصر الآن في الجمهورية الجديدة. بكل ما تشهده من حداثة وتطور ممثلة في هذا المجمع الثقافي المقام في مواجهة أهرامات الجيزة. على مساحة نصف مليون متر مربع شاملة مبنى المتحف لعرض مائة ألف قطعة أثرية فريدة. ومراكز البحث العلمي ومجمعًا ثقافيًا وأنشطة ترفيهية ومنطقة مطاعم ومسارح.
واستعدادًا لهذا الحدث العالمي قام الرئيس السيسي بافتتاح مساكن روضة حدائق الأهرام كمساكن بديلة لأبناء نزلة السمان لاستكمال تطوير منطقة الأهرامات وأبوالهول التي عانت في العقود السابقة من سوء التخطيط والعشوائيات والتعديات وعدم السيطرة علي الباعة الجائلين وغيرها من أشكال التلوث السمعي والبصري والبيئي وخصمت كثيرًا من أهم منطقة أثرية سياحية في العالم باعتبارها واحدة من عجائب الدنيا السبع وتضعها منظمة اليونسكو على رأس تراث العالم، وحان الوقت لتستعيد المنطقة قيمتها التاريخية والسياحية والاقتصادية، وسيكون افتتاح المتحف والمنطقة هو حدث وحديث القرن وأفضل إطلالة للعالم على الجمهورية الجديدة.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا