قطار الانتخابات الليبية انطلق، و «الصواريخ القانونية» على منصاتها، لتنفيذ التعهدات التي أدت إلى اختيار 24 ديسمبر 2021، موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية تعقبها انتخابات برلمانية عامة تشارك فيها كل الأطراف الليبية دون استثناء، غير أن جماعة الإخوان تعارض هذا المسار، و صارت ترسل تهديدات مباشرة لرئيس هيئة الانتخابات عماد السائح، ومطالبة إياه إما تأجيل الانتخابات أو الحرب.
كشفت مصادر ليبية رفيعة، النقاب عن بدء المجلس الرئاسي اتصالات مع قادة مجلس النواب وما يسمى بمجلس الدولة من أجل تضييق هوة الخلافات بينهم. وتأتي هذه المبادرة، بعد التصعيد الخطير الذي تقوده جماعة الإخوان. و الذي رفضت من خلاله قوانين الانتخابات المزمع إجراؤها نهاية العام الحالي. بل و باتت تهدد هيئة الانتخابات تهديدا صريحا إن هي مضت في تنظيم الاستحقاق الانتخابي.
انتخابات على المقاس
الإخواني خالد المشري رئيس ما يعرف بمجلس الدولة. أرسل خطابا إلى عماد السايح رئيس مفوضية الانتخابات يتضمن تهديدًا واضحاً بالحرب او التصـفـية الجسدية. على أقل تقدير إن استمر السايح في التعاطي مع قوانين الانتخابات التي أصدرها مجلس النواب.
وطالب رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري القيادي بحزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين مجلس إدارة مفوضية الانتخابات بإيقاف قوانين انتخابية أقرها مجلس النواب مؤخرا.
مطالبة المشري جاءت في مخاطبة بعثها لمجلس الإدارة وفيها وصف القوانين بالمخالفة للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري. ما يحتم إيقافها إلى حين التوافق حولها مع مجلس الدولة الاستشاري. مذكرا بمراسلة سابقة في ديسمبر من العام 2018 إلى مفوضية الانتخابات.
وأضافت المطالبة إن المراسلة تتعلق بإيقاف العمل بالقانون رقم 6 لسنة 2018. بشأن الاستفتاء على الدستور إلى حين توافق مجلس الدولة الاستشاري ومجلس النواب. لتقوم مفوضية الانتخابات في حينها بإيقاف العمل بالقانون.
وشددت المطالبة على اتخاذ ذات الخطوة لقيام بعض أعضاء مجلس النواب باتخاذ إجراء أحادي الجانب. لإصدار قانون انتخاب رئيس الدولة وقانون انتخاب مجلس النواب بالمخالفة للنظام الداخلي للمجلس. والاتفاق السياسي المضمن بالإعلان الدستوري.
وأشارت المخاطبة إلى المادة رقم 23 في الاتفاق. التي تنص على: «بدون الإخلال بالصلاحيات التشريعية لمجلس النواب. يقوم مجلس النواب ومجلس الدولة بتشكيل لجنة مشتركة بينهما. قبل شهرين من انتهاء عمل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور».
وتابعت المادة: «مهمة اللجنة اقتراح مشروعي قانوني الاستفتاء والانتخابات العامة الضروريين لاستكمال المرحلة الانتقالية والتشريعات الأخرى ذات الصلة وتقديم مشاريع القوانين لمجلس النواب لإقرارها على أن يلتزم مجلس النواب ومجلس الدولة».
وأضافت المادة:« إن هذين المجلسين وحكومة الوفاق الوطني ملتزمون جميعا بتعزيز التعاون والتنسيق فيما بينهم بهدف توفير أجواء مناسبة لإجراء الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات العامة والتداول السلمي للسلطة».
وتطرقت المخاطبة إلى المادة رقم 12 من الأحكام الإضافية التي تنص على: «تستمد جميع المؤسسات المنصوص عليها في الاتفاق السياسي شرعيتها من الإعلان الدستوري وتعديله الملحق بهذا الاتفاق بعد إقراره واعتماده كاملًا وتوقيعه ودخوله حيز التنفيذ». وبحسب المادة: «وفي حال اقتضى الأمر إجراء تعديل لاحق للإعلان الدستوري يمس الاتفاق أو إحدى المؤسسات المنبثقة عنه بشكل مباشر أو غير مباشر يلتزم مجلس النواب ومجلس الدولة بالتوافق فيما بينهما على صيغة هذا التعديل».
ووفقا لهذه المادة: «على أن يتم إقرار التعديل نهائيًا دون تعديل من مجلس النواب وفقا للآلية الواردة بالإعلان الدستوري» فيما بينت المخاطبة إن هذه الإجراءات خالفت ما تم الاتفاق عليه بين لجنتي مجلس الدولة الاستشاري ومجلس النواب في الرباط بتاريخ الأول من أكتوبر الجاري. وأكدت المخاطبة إن البيان الختامي نص على: «ندعو المجتمع الدولي إلى دعم العملية الانتخابية في ليبيا وفق قوانين متوافق عليها وعلى أساس مخرجات ملتقى الحوار السياسي» فيما انتقد مجلس الدولة الاستشاري ما إصرار مجلس النواب على الاستمرار في تجاهل الاتفاق السياسي.
ووصف رئس المجلس هذا الإصرار بانقلاب مرفوض لن يتم السماح به على المسار السياسي. والإعلان الدستوري محملا مجلس الإدارة المسؤولية القانونية والأخلاقية والأمنية. في حال اتخاذ أي إجراء يتجاوب مع القوانين المذكورة.
سحب البساط
تستشعر جماعة الإخوان الليبية «الخطر الداهم» و الذي سينهي وجودها في ليبيا، بعد أن تساقطت أوراق الإخوان في أكثر من دولة عربية. فمع بدء تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الخاص بسحب المرتزقة و تفكيك الميليشيات. وجمع السلاح المنفلت، تدرك الجماعة أنها تفقد أوراقها العسكريّة. و تنظيم الانتخابات في هذه المرحلة سيعني سحب البساط السياسي من تحتها. و إنهاء نفوذها الذي استمر عشر سنوات كاملة، و أدى إلى خراب ليبيا.
فمدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش، خالد المحجوب، أكّد اجتماعا موسعا ضم لجنة 5+5 العسكرية وذلك عبر الدائرة المغلقة بين طرابلس وبنغازي وعدد من مناطق اخرى لبعض المشاركين من بينهم السفير الأمريكي وعدد من الشخصيات الرسمية لبعض الدول المهتمة باستقرار ليبيا. بحضور يان كوبيتش المبعوث الأممي وعدد من أعضاء البعثة الأممية.
و ناقش إلية تفكيك المجموعات والتشكيلات المسلحة التي تعيق عمل المؤسسات. وتجميع سلاحها ووضع خطة عملية متكاملة لمعالجة أوضاعها. حيث نوقش هذا البند بشكل موسع ووضع خلاله رؤية شاملة استكمالا لما تم وضعه سابقا. من تقسيم لهذه المجموعات ونوعية نشاطها وأماكن تواجدها والأساليب التي سيتم العمل بها. لتحقيق هذا البند الذي اتفق عليه في اجتماعات جنيف ضمن اتفاق وقف اطلاق النار. وإجلاء المرتزقة والقوات الأجنبية وتفكيك المجموعات المسلحة. وهذا تأكيد على أن الإخوان يخسرون الرهان الأكبر الذي كان ضامنا لاستمرارهم.
أما عضو مجلس النواب أسماء الخوجة، حذرت من إمكانية عرقلة إتمام الخطوات المتبقية من أجل إجراء الانتخابات البرلمانية المرتقبة، أو عدم الاعتراف بالنتائج حال إجراء الانتخابات في موعدها، لافتة إلى أنه لا يوجد أي نية من قبل الحكومة بالدرجة الأولى لإجراء الانتخابات، وكذلك الأطراف الأخرى، حتى وإن كانوا يدعون ذلك، مضيفة أن خروج المرتزقة سيكون عاملًا مشجعًا لإجراء الانتخابات، إلا أن الأمر يتطلب إرادة قوية من الشعب لتقرير مصيره في هذه المرحلة الصعبة، معتبرة أنه من الضروري أن تراقب منظمات تابعة لـ الأمم المتحدة العملية الانتخابية، بالشراكة مع منظمات محلية موثوقة، من أجل ضمان نزاهة العملية الانتخابي.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا