من يفشل يرحل، وفي أحيان كثيرة، يكون الرحيل شجاعة، ويكون البقاء قصوراً في تحمل المسؤولية. وعندما تتنوع المسؤوليات، وتتشابك الإدارات، وتختلط الجهات، لا يمكن إلقاء اللوم على طرف واحد، فنحن اليوم لا نبحث عن «شماعة» نعلق عليها الأخطاء التي تعرّض لها منتخبنا الوطني لكرة القدم، ونكون غير منصفين، إذا حمّلنا طرفاً مسؤولية ما يحدث، ثم نستغني عنه، ونقول إن المشكلة قد انتهت!
الرحيل فعل ملازم للنتائج المخيّبة للآمال، وأقول «المخيّبة للآمال»، وليس الهزائم، فالرياضة بصفة عامة، والكرة بشكل خاص، ما هي إلا فوز وخسارة، وكل من يدخل الملعب، يريد أن يفوز، ولا يلتفت إلى ضعفه أو قوته، ولا يترك مباراته للخصم الذي يسبقه صيته، حتى ولو كان حاملاً لـ كأس العالم.
هكذا هي المنظومة الرياضية، بقواعدها وحظوظها وخططها، ولكن خيبة الأمل شيء آخر. شيء يخضع للمقاييس، وللأداء داخل الملعب، وللخلل الذي يواجهه الفريق. بسبب لاعب واحد أو عدة لاعبين. وبتقصير من مدرّب لم يتدارك ذلك الخلل، ولم يسد الثغرات التي تظهر من خلال الأداء الجماعي للفريق.
فالظروف تحكم كل مباراة، وتؤثر في عطاء كل لاعب، ويحدث ما لم يكن في الحسبان. وتضيع مباراة تلو مباراة، نتيجة افتقاد القاعدة الرياضية الأهم، وهي التدخل في الوقت المناسب!
والرحيل عندما تخيب الآمال، لا يكون بالاستغناء عن شخص واحد، فالمسؤولية جماعية، تتحملها كل الجهات المسؤولة عن لعبة كرة القدم، وهذا ليس «بدعة»، وهو أيضاً قاعدة من القواعد الأساسية في الإدارة، وفي الإشراف الفني، وفي التدريب، وفي التمثيل داخل الملعب، وقد سجلنا سوابق من قبل، ورحل مدربون، ورحل إداريون، ورحلت اتحادات، ووضع نجوم على كراسي البدلاء، فهذه سُنّة الحياة، التغيير شيء لا بدّ منه، وبالأخص، عندما تستدعي الظروف المحيطة، إجراء ذلك التغيير، وهو لا ينقص من قيمة أحد أو مكانته.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا