دارين أرونوفسكي المخرج المثير دوما للجدل. المطارد لمشاريعه العاطفية إلى أقاصي الأرض. ضيف مهرجان الجونة في دورته الخامسة. الذي لا يزال منذ درس الأنثروبولوجيا والسينما في جامعة هارفارد قبل أن يذهب إلى المدرسة العليا في معهد American Film Institute Conservatory . شغوفًا بالعالم الطبيعي.
وتوقيعاته السينمائية تقطع المراوغة التي تؤكد العادات الآلية للإنسان. لقطات بفاصل زمني للنباتات التي تنفجر في حالة إزدهار و تلعب بالتوازن وهشاشة علاقتنا بالكوكب.. أفلامه وعلى رأسها «نوح» حالة مجنونة من الحياة تحاكي الأسطورة .
عرف عنه نشاطه البيئي ففي عام 2014. سافر إلى ألبرتا تار ساندز مع سييرا كلوب مايكل برون وليوناردو دي كابريو. وفي عام 2015، سافر إلى ملجأ الحياة البرية الوطنية في ألاسكا مع برون وكيري راسل. والعديد من المجموعات القدامى في هذا المجال. وقد حصل على جائزة الإنسانية من كل من الجمعية الإنسانية للولايات المتحدة وPETA. في عام 2015.
تعاون مع الفنان JR في«The Standing March ». وهو معرض فني عام في باريس يشجع مؤتمر باريس بشأن تغير المناخ . هو مؤتمر وقمة دولية لاتخاذ إجراءات تحد من خطر تغير المناخ.
كان دارين دائماً ذا اهتمام فني، فكان يحب الأفلام الكلاسيكية. وعندما كان مراهقاً، كان يقضي أغلب وقته في الكتابة على جدران مدرسته الثانوية.
عام 1991 أخرج وكتب الفيلم القصير«Supermarket Sweep » وأنتج وأخرج فيلم«Fortune Cookie». وفي عام 1993 أيضاً كان له الفيلم القصير «Protozoa ». وعام 1994 أخرج فيلم « No Time ».
في نوفمبر 1997 كانت انطلاقته الفعلية بفيلمه الطويل الأول الذي حمل عنوان «Pi ». في 2010 أخرج فيلم البجعة السوداء«Black Swan » الذي حصل على 17 ترشيح بين عامي 2010 و2011. فاز منهم بستة جوائز ،في 2014 كتب وأنتج وأخرج فيلم« Noah». الذي ميزانيه حوالي 125 مليون دولار، ويُعتبر من أكبر الانتاجات والإنجازات السينمائية في الولايات المتحدة الأمريكية. في 2017 كتب وأخرج الفيلم التشويقي mothe؛ في 2018 أنتج فيلم« White Boy Rick». معظم أعماله حصدت العديد من الجوائز العالمية.
منذ بداية مسيرته في عالم الأفلام، انجذب أرنوفسكي إلى الشخصية المهووسة المعزولة نسبياً التي تحارب قوى جبارة. داخلية وخارجية، أو شياطين حقيقية ووهمية: شون غوليت بدور عالم الرياضيات المعذب في Pi. جاريد ليتو بدور المدمن في Requiem for a Dream ، بورتمان في دور راقصة الباليه المضطربة عقلياً في Black Swan. وميكي رورك في دور الرياضي الذي أفل نجمه في The Wrestler. يمثل نوح، بطرق عدة. خيطاً مماثلاً في النسيج الروائي هذا.
لكن قصته ظلت محدودة بما روته التوراة: لم يشأ أرنوفسكي وهاندل تخطي التوراة. ولكن كان عليهما صوغ قصة تدوم ساعتين من بضع آيات في سفر التكوين بالكاد يتكلّم فيها نوح.
كشف المخرج دارين أرنوفسكي عن المعني الحقيقي وراء فيلمه « Mother ». حيث قال «أردت أن أخرج فيلماً عن الأرض وعن كيفية تعاملنا معها، وكأنها الأم التي نعاملها بكل قسوة وحقارة غير مباليين بأهميتها، كما أكد أن النجمة جينيفر لورانس لعبت دوراً هاماً بأحداث الفيلم، وإنها استطاعت أن تجسد الدور بكل حرافية.
حيث تجسد الطبيعة الأم، وخافيير باردام هو «الأله»، وكل مايدور بأحداث الفيلم هو اسقاطات على واقعنا الذي نعيشه بكل تفاصيله. وأضاف بحثت كثيراً خلال السنوات الماضية، عن كيفية صنع فيلم سينمائي يناقش الأرض بطريقة مختلفة، وهو ما أرهقنى كثيراً، لكن في النهاية النتيجة كانت مذهلة، من قبل النجمين جينيفر لورانس وخافيير باردام.
يذكر أن دارين اشتهر بإخراجه لعدد من الأفلام السينمائية والتي أثارت العديد من الجدل، منها فيلم Requiem for a Dream ، و Pi ، و The Fountain.
ورغم أن أفلام الرعب لم تكن وجوائز الأوسكار أصدقاء أبداً، ولكن فيلمه المثير للجدل البجعة السوداء Black Swan هو خامس فيلم رعب يُرشح للجائزة في تاريخها، وهو من بطولة (نتالي بورتمان)، (ميلا كونيز)، (فينسينت كاسل) و (وينونا رايدر). ويحكي قصة (نينا) راقصة باليه طموحة تحصل على دور البطولة في إنتاج جديد لعرض بحيرة البجع، يُحمّلها الدور الكثير من الضغوطات لذلك تبدأ بالانهيار نفسياً.
رغم الميزانية المنخفضة حقق الفيلم نجاح تجاري وقبول عام فجنى أكثر من 330 مليون دولار في شباك التذاكر وخمس جوائز أوسكار ومن ضمنها جائزة أفضل ممثلة التي حصلت عليها (نتالي بورتمان)، الطريف أنه قبل أن يعمل أرونوفسكي على كل من The Wrestler و Black Swan تخيل المخرج سيناريو علاقة غرامية تجمع بين مصارع وراقصة باليه، وفي النهاية قرر أن يفصل بين القصتين فأصبح كلاهما فيلمين ضخمين ناجحين مستقلين.
بدأ العمل على الفيلم عندما وظف (أرونوفسكي) كُتّاباً ليعدلوا على سيناريو باسم The Understudy. والذي كان يحكي عن مؤدين في مسارح برودوي وفكرة أن يتملكك نظير لك، مع الوقت تحول السيناريو السابق إلى Black Swan. وجرى حوار بين (أرونوفسكي) و (بورتمان) قبل عشر سنوات من تصويره.
فقد عرض الفكرة على (بورتمان) التي عرفت كراقصة باليه منذ صغرها. كان ذلك في عام 2000، فانتظرت (بورتمان) لتسع سنوات أخرى حتى بدأ العمل على الفيلم.
حيث بدأت (بورتمان) تتمرن على الرقص مجدداً وخضعت لسنة كاملة من التدريب تحملت تكاليفها بنفسها ورغم أنه لم يكن هنالك تأكيد بأن الفيلم سيصدر بالفعل كان لدى (بورتمان) إيمان بأنه سيرى النور، كما خسرت الكثير من الوزن من أجل الدور لتجعل من نفسها راقصة باليه كاملة تخلت عن عشرين رطل من وزنها وبنت بنية عضلية قوية كل ذلك في سبيل عملها ونجاحها الذي حققته بالفعل.
حصلت (بورتمان) على جائزة الاوسكار، البافتا، وفي النهاية حصدت سبعة وعشرون جائزة بفئة أفضل ممثلة عن هذا الدور.
الطريف أن كل من (إيفا جرين) و (بليك ليفلي) كانتا مرشحتين لدور (ليلي) في البجعة السوداء. وجاءتا للقاء (أرونوفسكي) من أجل دور (ليلي) الخصم الودود لـ(نينا). واقترحت (بورتمان) (ميلا كونيز) لتقم بتجربة أداء؛ وبعد أن أجرت (كونيز) محادثة مع (أرونوفسكي) حصلت على الدور بالفعل، لتمثل الصديقة دور العدوة.
مرثيّةُ حُلم أو صلاة لراحة حلم (Requiem for a Dream) هو فيلمٌ نفسيّ؛ بطولة إلين بورستين وجاريد ليتو وجينيفر كونيلي ومارلون واينز. مأخوذ عن روايةٍ تَحِملُ نفس الاسم للكاتب هيوبرت سيلبي الذي شاركَ أيضاً في كتابةِ النصِّ مع أرونوفسكي.
الفيلم يُلقي الضوءَ على الإدمان بمفاهيمه المُختلفة، وكيفَ يُغيّر حياةَ الأفراد. وليسَ إدمانَ المخدّرات فقط، بل أنواعاً مُختلفةَ من الإدمان.
وقد سلّط الفيلم الضوء على أربع شخصيات تجمعهم أحلام أرقتّهم ولم تتحقق: ثلاثةُ شبّان يعانون من إدمانهم للمخدرات وسيّدة عجوز تعالج وحدتها بالجلوس أمام شاشة التلفزيون، الأمر الذي يَجعل طموحات كل منهم وآمالهم تتغيّر وتتحوّل.
حازَ الفيلم على 32 جائزة كما ترشّحت بورستين لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عن أداءها. وقد عُرِضَ الفيلم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي 2000.
فيلمه النافورة The Fountainصدر في سنة 2006. من بطولة هيو جاكمان وريتشل وايز وإلين بورستين. وتدور أحداث الفيلم حول الباحث (تومي) والذي يقوم بدورة هيو جاكمان الذي يسعى جاهداً لإيجاد علاج للورم الدماغي لإنقاذ زوجتة (ايزى). والتي تقوم بدورها ريتشيل وايز المريضه عن طريق تجريب مركبات تم الحصول عليها من شجرة ما في أمريكا الوسطى. ولكن دون جدوى حيث تدور الأحداث بالتزامن مع أحداث في الماضى. عندما يحاول محارب إسباني أن يحمي ملكتة والبحث عن شجرة الحياه المخبأة من أجلها.
بلغت تكلفة إنتاج الفيلم حوالي 35 مليون دولار بينما حقق إيرادات تقدر بـ 16 مليون دولار.
المصارع ( The Wrestler) سنة 2008. الفيلم حاز الفيلم علي جائزتين جولدن جلوب وترشيخ آخر . كما تم ترشيحه لجائزتي أوسكار عام 2009 .القصة مستوحاة من الواقع تدور يدور فيلم المصارع حول قصة راندي روبنسون .. مصارع كبير في السن يحاول أن يقضي يومه ما بين العيش على ذكريات الماضي ومحاولة اصلاح الحاضر .
كان راندي أحد نجوم في اللعبة في السابق .. وما زالت آثار النجومية تطارده في توقيعه للجمهور على قمصانهم وأشرطة الفيديو لنزالاته القديمة.. ولكن ذلك لم يعوضه يوما عن علاقته المكسورة بابنته الوحيدة ومحاولاته العديدة لإعادة المياه لمجاريها.
يجبر المصارع على ترك مشواره بسبب تعرضه لأزمات في القلب. فيضطر للعمل كنادل بينما يحاول أن يسترضي ابنته في نفس الوقت الذي يحاول فيه استمالة راقصة في ملهى ليلي إلى قلبه. فجأة يجد نفسه أمام تحدي جديد قد يعيده للحلبة لخوض نزال ضد عدوه اللدود .
عندما كانت قصة الخيال العلمي Pi التي أخرجها أرنوفسكي قبل نحو 15 فى طريقها إلى دور العرض. زار هذا المخرج متحف التكنولوجيا الجوراسية في مدينة كولفر في كاليفورنيا. كان هذا المتحف المذهل والمبدع علمياً المخصص لتاريخ الأرض يعرض تصميماً صغيراً كاملاً عن فلك نوح.
كان بإمكان أرنوفسكي أن يتجاهله بكل سهولة، لكنه لفت نظره وأشعل مخيلته. يتذكر هذا المخرج البالغ من العمر 45 سنة: {بدا لي نموذجاً منحوتاً مميزاً. ففكرت: من الغريب أن رواية التوراة هذه منسية. شكّلت روايات التوراة في مرحلة ما نوعاً قائماً بحدّ ذاته قدّم بعض أعظم الأفلام التي صُنعت. لكن التوراة ما كانت، آنذاك. قد خطرت ببال أحد منذ زمن}.
بعيد ذلك، نجح أرنوفسكي في تقديم فكرته هذه عن الطوفان إلى المنتجة ليندا أوبست. ولكن عندما عُرضت سلسلة جون فويت التلفزيونية القصيرة. بعنوان {فلك نوح} (وما احتوته من هجوم تعرّض له النبي من سفينة قراصنة شبيهة بما نراه في Waterworld. توقف فيلم أرنوفسكي {نوح} قبل أن تتسنى له فرصة كتابته.
بعد انتهائه من فيلم Requiem for a Dream بحلول 2003. بدأ أرنوفسكي العمل مع كاتب السيناريو آري هاندل على نص {نوح}. ولكن لم يأخذ أرنوفسكي هذا الفيلم على محمل الجد، إلا عام 2006.
عندما حقق فيلم أرنوفسكي Black Swan نجاحاً تجارياً مع تخطي مبيعاته العالمية على شباك التذاكر 329 مليون دولار. ومنح الممثلة ناتالي بورتمان جائزة أوسكار، استعادت فكرة انتاج فيلم {نوح} بريقها. واختير راسل كرو لأداء دور نوح، جنيفر كونيلي زوجته نعمة. ولوجان ليرمان ودوجلاس بوث وليو ماكهاغ كارول أبنائه حام وسام ويافث.
أدرك أرنوفسكي، الذي يعتبر نفسه ملحداً وباحثاً في التوراة. أنه مهما أجرى من أبحاث حول فيلمه ومهما أولى التفاصيل من اهتمام (إذا تأملت عن كثب تلاحظ أن ثمة سبعة أزواج من {الحيوانات الطاهرة}. كما يذكر سفر التكوين، وزوج من الحيوانات الأخرى). سيجد الناس ما ينتقدونه. لذلك يؤكد أنه يعتبر أن الفيلم مخلص للنص الأصلي قدر المستطاع. ويضيف: {لا أريد معارضة النص. فلا يمكنك في النهاية حذف السايكلوب من أعمال هوميروس. لم نضمن هذا الفيلم ما نخشاه ولم نقلل من احترام أحد، بل أخذنا هذه الرواية وحولناها إلى أسطورة}.
عمد أرنوفسكي وهاندل إلى صوغ قصة مليئة بالحركة مقتبسة من التوراة تشمل هلاكاً شاملاً. وتضم حيوانات أسطورية عملاقة استوحياها من النفليم في التوراة وساعدت نوح في تشييد سفينته الضخمة.
استشار هاندل وأرنوفسكي علماء الدين واطلعا على نصوص لا تحصى. كذلك لجآ إلى المدراش اليهودي الذي يتضمن قصصاً تملأ الفجوات وتفسر معاني روايات التوراة. ولا شك في أن رواية التوراة عن رجل في القديم أُمر بإنقاذ اثنين من كل جنس. قبل أن يمحو الله كل البشرية الخاطئة تثير أسئلة عميقة عن هذه الشخصية والزمن الذي عاشت فيه. علماً أن التوراة لا تقدّم أي أجوبة عن ذلك.
رغب أرنوفسكي في تصوير مدى انحطاط البشرية. فصوّر الأرض كشخصية، مستخدماً مشاهد من أيسلندا أظهر من خلالها أن الأرض باتت جرداء قاحلة. نتيجة لذلك، صار العالم وما فيه بحاجة إلى بداية جديدة. ولا شك في أن هذه الرسالة البيئية تلاقت مع أفكار النقاد المحافظين. وإن بطريقة خاطئة. نتيجة لذلك، اتسع مدّ المشككين حتى شمل الشركة المنتجة.
واجه إنتاج الفيلم الفعلي عقبات كثيرة أيضاً. ففي أواخر 2012، أوقف إعصار سندي الإنتاج فترة وجيزة. خصوصاً أن منازل بعض أعضاء فريق العمل في نيويورك. بمن فيهم المنتج سكوت فرانكلن. تقع مباشرة في مسار العاصفة.
لكن المشكلة الحقيقية كمنت في مدى تأثير هذا الفيلم. خصوصاً عندما شعرت شركة Paramount أن {نوح} قد يسيء إلى بعض المتدينين المتشددين. لذلك بدأت تختبر نسختها الخاصة من هذا الفيلم، فيما كان أرنوفسكي يعمل بدأب لإنهاء نسخته الخاصة. لكن فرانكلن يؤكد أن نسخة أرنوفسكي. مع أنها لم تكن منجزة بالكامل وتعوزها بعض المؤثرات البصرية. حققت نجاحاً أكبر من نسخة Paramount. علماً أن هذه الأخيرة كانت أكثر إتقاناً. ولم تُحذف منها مشاهد كثيرة.