مر «شاهين» مخلفاً بعض الخسائر في سلطنة عمان الشقيقة، وسلمت منه دولة الإمارات، وهذا فضل من رب العالمين، فالإعصار المدمر هدأ وقلل من سرعته فور وصوله إلى البر، فتحول إلى عاصفة مدارية لفترة وجيزة، ثم إلى منخفض جوي توغل في الصحراء.
جهات الاختصاص كان لها دور فاعل خلال الأيام التي سبقت وصول الإعصار إلى الساحل العماني. تحركها كان ملفتاً للنظر، واستعداداتها تبث الطمأنينة إلى الأنفس. وحتى مشاهد الاحتياطات المؤقتة على الشواطئ كانت مصدراً للهدوء والسكينة، وخاصة في المناطق التي قيل إن «شاهين» سيمر من خلالها.
الثقة كانت عالية، والبيانات الرسمية المتلاحقة وضعت المجتمع في الصورة أولاً بأول، رغم الحديث والمعلومات المتضاربة من المصادر الخارجية، تلك التي رسمت خطوطاً ولونتها وهولت نتائجها.
وعلى عكسها كانت مراكز الرصد والرقابة المحلية، سواء هنا أو في السلطنة، كانت تقول الحقيقة حول التوقعات ولكنها لا تثير الرعب بين الناس، ولا تحدث فوضى، ولأن «الأنواء» علم يختص به عالم الغيب، فإن الجميع كانوا يعملون على الاحتمالات، وهي غير ثابتة، تعجز عن متابعتها الأجهزة بتقنيتها الحديثة، فكان القرار بعدم ترك الأمور للصدفة وللتغيرات.
وقد أجادت هيئة الطوارئ والأزمات عندنا، ونسقت مع كل الجهات المعنية. وعملت بناء على أسوأ الاحتمالات، فالقضية لا تقبل الافتراضات، ولا تحتمل تدارك الأخطار إذا وقعت الواقعة.
والإعصار خطر داهم لا يسمح لأحد بالتفكير والتحرك والتصرف إذا وصل إلى مكان. والإجراءات الاحترازية لابد أن تكون سابقة لتلك الساعة التي قد تحسب بأجزاء الثواني وليس الدقائق. وهذا ما حدث فعلاً، فعطلت المدارس والأعمال في المكاتب. وتوقفت المشاريع الإنشائية، وتم تأمين معداتها وجهزت آليات البلديات. وتمركزت سيارات الشرطة في الشوارع، واستعدت فرق الإنقاذ، وكانت الأيادي متشابكة.
التجربة رغم قساوتها كانت مفيدة، وكنا بحاجة إليها، حتى نختبر استعداداتنا وسرعة تحركنا، ونشعر جميعاً بأن الحماية دائماً تبدأ قبل وقوع الكوارث والأخطار.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا