أدوات التغيير لا تقتصر على الأشخاص، فالوزير يتغير، والمدير العام يتغير، ورؤساء الإدارات والأقسام يتغيرون، ويتحمس القادم الجديد، ويحاول أن يكون جديراً بالثقة التي منحت له، ويصطدم بلوائح وإجراءات ومستشارين، يسدون الطرق أمامه، «يكسرون مجاديفه»، فيجد نفسه تائهاً وسط كم هائل من النصوص، وضعها من كان قبله وقبل الذي قبله، مفصلة على مقاسات بعضهم، تمنع وتحجب وتؤخر وتعطل، وتستثني متى شاءت!
كثيرة هي الأدوات التي تحتاج إلى تغيير. وعلى رأسها اللوائح التنفيذية المفسرة للقوانين حسب الهوى وليس تماشياً مع روح القانون والهدف الذي أرادته القيادة حينما أصدرته. وهي صادمة بحق، لما تتضمنه من سلبية في مواجهة الفئات المستهدفة، والتي في الغالب تتبع الطرق المعتادة لإنجاز المعاملات، وخاصة المتعلقة باستقرار الأسرة وأمانها، ومن كان الحظ في صفه يختلف وضعه وتختلف معاملته، وتفسر لصالحه نفس اللوائح والإجراءات.
والشواهد كثيرة، ولكننا لا نتحدث عن جهات معينة، ولا نستهدف أحداً، بل نطرح موضوعاً عاماً، يشمل الجميع، ومعنية به أغلب المؤسسات الرسمية، وكما قلت من قبل وأكرر، القيادة الرشيدة لم تبخل على الناس، وفرت كل الوسائل من أجل حياة كريمة، ووثقت بمن حملتهم الأمانة حتى يوصلوا الحقوق لأصحابها، وبسلاسة لا يشوبها أي نوع من أنواع قلة الاحترام، فمن يفعل ذلك لا يؤذي المراجع صاحب الحاجة أو مقدم الطلب، ولكنه يسيء إلى من وضعوا ثقتهم فيه، وانتظروا منه أن يحافظ على تلك الثقة، وأن يوصل الأمانة إلى مكانها.
مرة أخرى أقول لكم، إن أدوات التغيير التي تحتاج إلى تغيير كثيرة. والأشخاص كانوا ولا يزالون أداة من الأدوات التنفيذية. إذا تغيروا ولم تتغير اللوائح والأنظمة والإجراءات لن يتغير شيء. فهي المعنية والمستهدفة من خطوات تحريك المياه الساكنة وضخ الدماء الجديدة للوزارات والدوائر والمؤسسات. وهنا تكون البداية، ويكون الانطلاق نحو مرحلة جديدة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا