نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: مصر تستعيد قوتها الناعمة

عندما أعلنت مصر عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وبعدها بأيام وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة شمول الفنانين ببرامج الحماية التأمينية والرعاية ضد المخاطر، فهذا معناه أن الجمهورية الجديدة تسعى نحو استعادة قوتها الناعمة.

فلا شك أن مصر تتغير وتسير بخطى ثابتة نحو استعادة مكانتها وقوتها الشاملة. وفي القلب منها قوتها الناعمة التي ميزتها لعقود طويلة في محيطها العربي والإقليمي. وإذا كان هذا الوطن قد تفرد بتاريخه وحضارته العريقة وأيضاً موقعه المميز. إلا أن منتجاته الثقافية والفنية والأدبية قد شكلت رصيداً إبداعياً هائلاً في وجدان الشعوب العربية. وجعلت من القاهرة منارة الشرق وقبلة كل المبدعين في الفن والشعر والأدب وغيرها من جوانب الثقافة المتعددة.

ومؤخراً أكد عدد من التقارير الدولية تقدم مصر في مجالات الإبداع والابتكار والخدمات الثقافية. وهو ما يشير إلى وضع مصر استيراتيجية تنموية من شأنها إعادة تميزها في مجال القوة الناعمة.

الدور البارز الذي تلعبه القوة الناعمة لا يقف تأثيره عند حد تعزيز مكانة الدولة خارجياً. والتأثير في محيطها الإقليمي على مستويات عدة. سواء كان المعنوي والفكري أو المادي في سياستها الخارجية والجوانب الاقتصادية والاستثمارية.. ولكن أيضاً تشكل القوة الناعمة تأثيراً هائلاً داخل المجتمع. سواء كان في شكل تعزيز وترسيخ قيم وهوية المجتمع. أو تشكيل الوعى لدى الأجيال الناشئة. وأيضاً مواجهة كل أشكال الغزو الثقافي الخارجي، وهو ما واجهته مصر خلال فترات الاستعمار.

ولم تكن ثورة 1919 إلا ترسيخاً لهوية مصر الفريدة والمتنوعة عندما علا شعار الدين لله والوطن للجميع، وكان أول دستور حقيقي للبلاد بمثابة عقد اجتماعي يضم جميع الشرائح المصرية، وكان سبباً في تفجر الإبداعات المصرية في شتى المجالات وامتد تأثير مصر إلى محيطها العربي والإفريقي وتحولت مصر في هذه الحقبة الليبرالية إلى نموذج للتقدم والتحضر والرقي. إلى حد أن الكثيرين من أبناء الدول المجاورة سعى للعيش أو العمل بها.

إذا كانت قوة مصر الناعمة وهويتها الراسخة هي التي منعت هذا الوطن من السقوط عندما خرج عامة المصريين في الثلاثين من يونيه عام 2013 لاستعادة الوطن من الجماعة الإرهابية التي سطت عليه وحاولت تغيير هويته.. فإننا مازلنا في حاجة إلى استعادة مصر لكل قيمها الحضارية التي عاشت عليها لعقود طويلة. وعلى رأسها قيم التسامح والاعتدال والمساواة، وأيضاً قيم التحضر سواء كانت أخلاقية أو علمية.

وفي ذات الوقت مواجهة كل القيم السلبية التي تسربت داخل هذا المجتمع. وعلى رأسها الفكر المتطرف الذي أنتج أخطر أنواع الإرهاب. وأيضاً مواجهة ظواهر مثل الفساد والبيروقراطية التي انتشرت في بعض القطاعات الحكومية. وغيرها من الظواهر السلبية التي تجذرت في المجتمع ووصمته بالفوضى والتخلف سابقاً. ويجب أن تختفي وتجرم في الجمهورية الجديدة. التي نستشرف ملامحها الآن في الواقع المصري.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى