قبل أن تهدأ الضجة الأفغانية تحول المشهد إلى أقصى الشرق والجنوب. ليؤكد الكبار أنهم بالفعل يتعاملون مع رقعة شطرنج، وليس مع أمم وشعوب وموت وحياة.
أفغانستان كانت كفيلة برؤوس «قد أينعت» ووجب قطافها أو فصلها، فالأمر سيان. بعد كل الفوضى والاستهتار الذي شاهده العالم للانسحاب الهستيري الذي حدث لحظة أن سلمت «كابول» لطالبان. قادة يحملون أعلى الرتب المدنية والعسكرية كان يجب أن يحاسبوا في محاكمات علنية بعد نزع صفاتهم التي يتباهون بها.
وكان يمكن أن يضم إليهم رؤساء دول وحكومات تخاذلت ولم تعمل ضمن خطط منظمة ومدروسة لعمليات إجلاء قواتها ومواطنيها وأولئك الذين ورطتهم معها من الأفغان، فموعد الانسحاب لم يكن مفاجئاً، ووضع حكومة غني المتضعضع لم يكن خافياً، وتقدم طالبان نحو العاصمة متفق عليه في الدوحة أو أي مكان سري آخر، ومع ذلك صدم أولئك القادة وأسقط في يدهم، ولم يملكوا الخبرة والشجاعة للتعامل مع الظرف الطارئ، ولولا تدخل الأصدقاء لكانت كارثة دولية قد وقعت وأطارت الرؤوس الجاهزة للقطف.
وقبل أن تبدأ المجالس النيابية بطرح التساؤلات، والصحف ووسائل الإعلام بكشف المعلومات، حولت الإضاءة إلى بحر الصين والجزر المتناثرة في الشرق الأقصى من الكرة الأرضية، كأن حرباً ستشتعل في أي لحظة، قطع بحرية نووية وغير نووية تتحرك، وطائرات تخترق مجالات محظورة، وتهديدات متبادلة.
وتتصاعد وتيرة التوتر بين أكبر القوى، الولايات المتحدة وحلفائها من الغرب مقابل الصين وروسيا. وتسلط الأضواء على المحيط الهادي، وتنتقل نحو جنوب المحيط الهندي، وتقحم أستراليا في المشهد الجديد، عبر تحالف مصطنع، وعقد غواصات نووية لتلك الدولة البعيدة عن «النادي النووي»، وانتقل ثقل العالم كله إلى الشرق والجنوب، وانضمت بريطانيا العظمى إلى ذلك التحالف، والاتحاد الأوروبي مصدوم، وفرنسا في حالة توتر غير مسبوقة، فالحليف الأكبر حل مكانها في صفقة غواصات تقليدية معتمدة بقيمة 90 مليار دولار.
الرؤوس حافظت على أماكنها، ولكنها أدارت رؤوس العالم كله، وحركت كل القطع المنتشرة على رقعة الشطرنج.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا