رغم مرور وقت كبير، عقب عقد جلسة مجلس الأمن حول قضية سد النهضة، والحالة التي ظهر بها الدول الأعضاء والتي تمحورت في التنصل من القضية، والانحياز لأطراف على حساب أطراف أخرى. إلا أن دعوة المجلس اليوم لاستئناف المفاوضات مرة أخرى للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم. يضمن مصالح الدول الثلاث، وبما يحقق التنمية المزعومة التي تتحدث عنها أديس أبابا. يعد انتصارًا للدبلوماسية المصرية، ويكشف المساعي الحثيثة. في التواصل مع الأطراف الفاعلة والتي حركت المياه الراكدة، في بحر المفاوضات. بعد حالة الجمود والتعنت الإثيوبي.
فالدعوة للوصول إلى حل في إطار زمني معقول بين أطراف النزاع الثلاثة. يتخطى حدود ما حدث من مفاوضات خلال العشر سنوات الماضية. والتي لم تحقق أي تقدم منشود، لأسباب ليست محل جدال الآن. فالقضية لها تشابكات ومصالح لدول تلعب من وراء الستار لتحقيق مصالح على حساب أطراف أخرى. معركة توازنات أثبتت فيها الدولة بأنها طرف فاعل في الكثير من الملفات. ولا يمكن تجاهلها في ظل الأزمة الحالية التي تهدد حياة الملايين.
فرغم كل رغم ومع عدم تناول أي أخبار تذكر عن السد الإثيوبي، إلا أن هناك رجال استطاعوا إقناع الأطراف المتشابكة بأن قضيتنا عادلة ليست محض تفريط أو استسلام للأمر الواقع التي تريد فرضه أديس أبابا على دولتي المصب.
ورغم عودة الملف تحت رعاية الاتحاد الإفريقي الذي أثبت فشله مرارًا وتكرارًا، يمكن القول بأن تلك المرة الأمر يختلف تمامًا عن ما سبق، فاليوم القضية أصبحت تحت أعين مجلس الأمن ولا تستطيع إثيوبيا عدم التفاعل مع المفاوضات، والوصول إلى اتفاق ملزم.
لن تستطيع إثيوبيا الرجوع خطوة للوراء، بسبب الضغوط التي تتعرض لها من كل حدب، ناهيك عن حرب العصابات في الداخل، التي أنهكت الحكومة الحالية، وجعلتها عارية أمام العالم، فتراكم الملفات على دولة هشة مثل إثيوبيا تعاني من وضع سياسي مأزوم، يزيد الأمور تعقيدًا، والضغوط على آبي أحمد ستجعله يتراجع عن الغطرسة التي كان ينتهجها سابقًا، لأسباب من أهمها نجاحه في الانتخابات الماضية، بعد أن استخدام الشعب للاتفاف حوله لأغراض سياسية تمكنه من اعتلاء سُدة الحكم، وهو ما حدث.
أخيرًا عقب صدور البيان من مجلس الأمن، نستطيع القول أن الدول التي كانت تغض الطرف عن الأزمة سابقًا، أدركت بشكل صريح أن منطقة القرن الأفريقي لا تتحمل نزاعات، فالمنطقة هشة وتعاني من اضطرابات، تؤثر على مصالح الكثير من الدول العظمى، وزيادة التعقيد ليس في مصلحة الجميع، لذلك أتوقع أن تكون وصلت أزمة سد النهضة إلى المحطة الأخيرة.. والأخبار السارة ستتدفق خلال الأيام المقبلة.. ولن يستطيع أحد أن يأسر نيلنا الأصيل.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا