نون والقلم

د. حازم قشوع يكتب: حوار مع حكيم

سألت صاحب حكمة مرة كيف تكون هادئا والأمر من حولك متلاطم يشوبه حراك سريع ولغط كثير وأهواء متضادة. وأنت مازلت تتحرك بأسلوب متزن وتعمل بهدوء وتشتبك في بعض الأحيان. وتقوم في القراءة أو الكتابة في معظم الأوقات تذهب إلى ندوة أو لقاء فتثريها بما تحوى من مخزون معرفي عميق. لكنك تبتعد مجالسة من دون ذلك أ هذه هى حكمة أم عنوان ذكاء؟.

فأجاب باسهام لم أعهده منه وبدا يقول وأما الحكمة فهي صفة مرتبطة ارتباطا مباشرا بالذكاء ومنطوق القرار وهنالك من يعتبرها راجحة عقل وأخر من يكيلها بميزان تقديري حيث يرجح المقبول على غير المقبول وكما تقترن بحكم عادل وببصيرة ثاقبة وهنالك من يميز الحكمة عن الذكاء عبر تمايز طبيعة تكونها وهو يصف الذكاء باعتباره حالة ذاتية فطرية بينما الحكمة تأتي جراء خبرة من وحى اكتساب التجربة هذا إضافة للعلوم المعرفية المكتسبة وأيا ما كان تكوينها فإن ما يميزها تلك الصفات الموصولة بالسلوك والتي تظهرها سماتها.

وأردف قائلا إن من سمات الحكمة ميزاتها الظاهرة. والتي تميزها «شمولية المزيج المركبة بين المعرفة والدراية والفهم العميق. مع التسامح والتوازن فالفكر والنهج». وهو ما يميز الحكيم عن غيرة من العامة وتظهر هذه الصفات في تصرفاتة وتعاملاتة وأفكاره الخاصة. حيث يمتاز بقدر من التفاؤل ويمتلك قدرة على الهدوء عند مواجهة الصعاب. وكما يمتلك رؤية الصورة الكبيرة للمشهد العام وتصوراته. وهذا ما يجعله قادرا على تفسير الأمور بطريقة موضوعية من زاوية واقعية تفاؤلية.

ثم أضاف ولأن قول الحكيم في الغالب الأعم يستند لحكمة. فإن من أبرز ما قيل وتردد عن الحكماء هو ذلك القول. «إن العمل على تسخيف الأمور. لا يعني سخافتها بل يعنى أهميتها. ولولا أهميتها لما كان تدبر التسخيف واقع ذلك لأن التدبر فعل هو دليل إهتمام جاء من بعد عمق تفكير وأدواته غالبا ما تكون معلومة ومرصودة وأما التعامل معها فيكون بالصبر والآناة، من هنا اقترن المكر بالله فيمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. هذا لأن التدبير كان دائما فعل شيطاني وأما الحكمة فهي فتوحات أعمال ربانية وهداية واصلة من علم اللدن الإلهي، وأما الإغراق في التدبير يقابلة دائما ارتقاء إلى مستويات أعلى من منازل الاحتواء حتى ترى الأمور صغيرة وفي الدرجات الدنيا وعند أسفل القاع.

وبعد إسهاب في التعليل والتعريف قال لي فالحكمة يا صديقي إن ترتفع وتترفع عن صغائر الأمور وفسافس اللغط فإن دخلت فيها كنت عندها وإن اشتبكت معها كان حجمك بحجمها فلا تكن حشرة أرضية وكن صقرا نايفا على مرقاب يرى ويبصر ويفكر ويستبصر فان طار حلق وإن غاب جاب وهذا يأتي مع قلة البيع وكثرة الشراء في المجالس وأما البيع فهول القول وأما الشراء فعنوانه الصمت.

فلا تبع إلا سائلا ولا تشتري من دونك هي هذه الحكمة وهذه وسماتها وتلك هي صفاتها وأسرارها ولك أن تلتقط من نماذجها نموذجا يكون لك.

من كتابي جملة في رواية

نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية

 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى