لا شك أن مصر التي تشهد تغيرا ونهضة وحداثة، وعملا جادا في قطاعات شتى مازالت في حاجة إلى تطوير شامل لقطاع التعليم والبحث العلمي باعتباره قاطرة التنمية المستدامة للمجتمع.
ولا خلاف على أن الدكتور طارق شوقي وزير التعليم لديه رؤية وطموح ومحاولات جادة لتغيير الواقع التعليمي الذي تعيشه مصر منذ فترة وأدى إلى تخلفها عن محيطها الإقليمي الذي كان يعتمد سابقًا على الخبرات المصرية في كل المراحل التعليمية.
كما كانت مصر الملاذ والوجهة لكثير من أبناء الدول العربية والإفريقية باعتبارها قلعة العلم في الشرق الأوسط، وما يتم تداوله من حين لآخر على السوشيال ميديا بقدوم بعثة يابانية إلى مصر قبل قرنين لنقل التجربة المصرية، هي حقيقة وليست مزحة، وقد حدث بالفعل عام 1817 لهذا الغرض، ثم كانت البعثة الثانية عام 1862 والتي ضمت عددًا كبيرًا من الساموراي باعتبارهم أكثر الطبقات تعليمًا وتثقيفًا، وكانت تشمل مصر وعددا من دول أوروبا للوقوف على أسباب النهضة والتطور، وسجلت البعثة اندهاشها بالازدهار والحداثة في مصر.
وبعد مائة عام وفي 1962 أرسلت كوريا الجنوبية بعثة إلى مصر. للوقوف على أسباب التقدم الذي تعيشه مصر في شتى المجالات.
إذًا نحن لا نبدأ من الصفر ولدينا تجارب سابقة، ولدينا الآن تجارب ناجحة وعظيمة في مجالات أخرى والأمر ليس مستحيلاً، وإنما في حاجة إلى إرادة وصبر، لأن التعليم تحديدًا في حاجة إلى الأمرين معًا، بحيث تكون هناك رؤية شاملة ووقت لتنفيذ هذه الرؤية التي تتشارك فيها جهات عدة وليس وزارتي التعليم والتعليم العالي فقط.
والواضح أن الدكتور طارق شوقي وزير التعليم يتعجل الأمر من خلال رؤيته بعيدًا عن البعد الاجتماعي الذي يعاني من تراكمات ومشاكل كثيرة تحتاج إلى حلول وعمل تدريجي، بدليل أنه عندما عرض علينا في مجلس الشيوخ مشروع لتغيير نظام الثانوية العامة.
وبعد مناقشات مطولة في لجنة التعليم التي تضم نخبة من الخبراء. وأيضًا من خلال المناقشات في الجلسات العامة للمجلس بما يضمه من خبراء وحكماء. تبين أن المشروع لن يسهم في عملية التطوير الشامل للتعليم. بقدر ما يزيد من أعباء الطالب والأسرة المصرية معًا لمدة ثلاث سنوات بدلاً من سنة واحدة. وهو ما جعل المجلس يرفض المشروع.
والحقيقة أن الحكومة تعاملت بشفافية وموضوعية عندما سحبت المشروع. بعد أن أيقنت أن المجلس لا يهدف إلا لمصلحة الوطن والمواطن. من خلال المناقشات الموضوعية والبناءة التي تسهم في تقدم هذه الأمة.
الصدمة التي واجهت كثيرين هذا العام في الثانوية العامة، تؤكد أننا في حاجة إلى التغيير، ولكن من القاعدة بحيث تكون البداية من رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية وهي مراحل تستطيع استيعاب كافة التغييرات سواء كانت في استخدام التكنولوجيا الحديثة وتعميمها أو من حيث الإعداد التربوى الذي يشمل السلوك وترسيخ الانتماء والإعداد البدني والنفسي إضافة إلى الجانب العلمي على غرار ما يحدث في كل دول العالم.
وتستمر عملية التطوير والتحديث مع هذا الجيل. بحيث نصبح بعد ستة أعوام أمام منظومة كاملة وجيل كامل أنهى مراحل التعليم قبل الجامعي بأحدث نظم التعليم.
والحقيقة أن الدولة في حاجة إلى هذه المدة وأكثر لإتمام البنية الأساسية لتطوير التعليم. وإعداد جيل جديد من المعلمين وتوفير المواد لهذا القطاع. الذي يحقق النهضة الشاملة والمستدامة للأمة.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا