بين ليلة وضحاها.. أصبح المجتمع عائمًا على بحور من الظلمات متخليًا عن جميع القيم والمبادئ الراسخة. وهو ما يجعلنا نتمعن في ذلك الوضع المزرٍ ونحن نواجه إعصارًا من الهمجية والوضاعة. هنا وهناك ترى الأغلبية العظمى إلا من رحم ربي. يتعامل في حياته اليومية بكل حقد وبغض. ويفرد موائد الحساب والعقاب في الغداة وَالْعَشِيِّ لخلق الله. من دون وجه حق. وكأن المجتمع تحول إلى مضمار وحوش. سباقًا يستخدم الجميع فيه الأسلحة المحرمة. بداية من ألسنتهم الحداد للنيل من الشرفاء. وصولًا بالقيل والقال، نفاق معلب.
ومن هنا يستحضرني قول الشاعر ابن الرومي «لكَ أنفٌ يا ابن حربٍ أُنّفَت منه الأنوفُ. أنتَ في القدسِ تُصلّى وهو في البيتِ يطوفُ». لماذا تخلينا عن كل شيء وتمسكنا بسياسة الحشر بسبب ومن دون!!
ما يحدث يتخطى المنطق وسُنة الكون. ويعد انتهاكًا صارخًا لثوابت ليست محض فصال أو جدال. نستحضر منها الجمع الكريم داخل بيوتنا المعجونة بأصل الود والمنبع. ذلك الغُرس الذي طرح طيبًا من بين صخور في جبالٍ. صنفها العوام بأنها قاحلة عقيمة الولد والبنيان. حقًا أعيت الشرزمة البائسة مجتمعنا. وأصبحنا نصارع أشباحًا كرست وقتها كليًا لتنصب نفسها أوصياء على بني البشر. أينما كانوا وذهبوا وحطت رحالهم. خطة ممنهجة لملاحقة بعضهم البعض. وإن كنت في جاكرتا. لن يتركوك وحيدًا بل ستذكر في موائد الحضرة. والتي تنصب وفق العادات والتقاليد الخزعبلية.. قالوها زمان «شغلانة العاطل». حتى صرنا نسبح في مجتمع قادمًا لا محالة أن يتحول لشلة من العواطلية!!.
ومن هُنا نقولها مرارًا وتكرارًا إن سياسة حشر الأنوف في أحوال الناس. يلقي بصاحبه في القاع، ليظل يصارع طوال حياته نتيجة خطاه البائسة لتصييد أخطاء الآخرين. وينام كل ليلة ليحلم بسقوط أحدهم حتى يرتاح له بال. رسالة لهؤلاء عودوا ويغفر الله لكم. فالدنيا ليست دار بقاء. ولكنها شقاء مستمر حتى يبعث الخلق. لسنا في حرب ضروس لكي نتحول إلى مصاصي دماء ينهش بعضنا البعض. فلنغلق ساحات الصراع المفتوحة. ونتخطى مرحلة الحقد والبغضاء. سنجني ثمار ذلك في أقرب وقت ممكن، إنها الثقة في الله أساس البقاء.
أخيرًا أتذكر عندما كنا نُشيع أحدهم إلى مأواه الأخير. بالطبع يقص الحضور بعض من محطات حياة الراحل. في الخير، ومساعدة الآخرين من دون مقابل. وكف لسانه عن الناس وأذاهم بالقول والفعل، وعندما ننهي حديثنا الجميع ينفض يديه من الحكاية والرواية. وتعود الصراعات كما كانت بل أشد. وأضل سبيلًا.. لسنا أوصياء على أحد. ولكن فليتدبر البعض منا ويفكر ولو للحظات قليلة، عندما يشيع إلى دار الحق .. هل يكتب فعلا مات وترك!!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا