نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: الوفد أكبر المدارس الوطنية في العصر الحديث

ظل الوفد أكبر المدارس الوطنية في العصر الحديث بعد أن شكل تيار الحركة الوطنية المصرية في بدايات القرن الماضي، واستطاع أن يجابه بريطانيا العظمى ويجبرها على الرضوخ لمطالب الشعب المصري، عقب اندلاع ثورة 1919 التي تعد واحدة من أكبر الثورات في التاريخ البشري، وكانت سببًا في وضع وترسيخ أسس الدولة الوطنية المصرية، وأدت إلى تحولات ضخمة في المجتمع المصري كان أبرزها ترسيخ دولة المواطنة، وتحرير المرأة المصرية وتحقيق الاستقلال وتعميق الشعور الوطنى.

إضافة إلى التحولات الكبرى في العمل السياسي بعد صدور دستور 1923 الذي أسس لقيم الدولة الوطنية والحريات العامة وحرية الصحافة والتعدد السياسي والحزبي وغيرها من الأسس التي فجرت الابداعات المصرية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأدبية والفنية وغيرها.

وقبل يومين كانت ذكرى رحيل زعماء الأمة الثلاثة، وإذا كان الوفد يحتفل في 23 أغسطس من كل عام بشكل رمزي وبسيط تقديرًا لما قدموه لهذا الوطن.. فإن التاريخ ذاته قد توقف طويلاً أمام المعارك الضارية التي خاضها زعيم الأمة سعد زغلول في مواجهة الإمبراطورية العظمى بعد انتصارها مباشرة في الحرب العالمية الأولى، واستطاع بعبقريته أن يحقق الأهداف المصرية.

وأكدت الوثائق البريطانية أن سعد زغلول قد استدرج بريطانيا إلى الفخ بعد أن اكتشف الحلقة المفقودة في المعادلة السياسية وهي قوة الجماهير وتمكن بذكاء حاد من اشراك المصريين في قضيتهم عندما استطاع جمع ثلاثة ملايين توكيل من المصريين في أسبوعين فقط، وهو ما عجزت بريطانيا عن مواجهته.

وتحول سعد زغلول إلى أيقونة الثوار في العالم كله وتأثر به غاندي وقال سعد زغلول لنا جميعًا. وعندما فاضت روحه في 23 أغسطس عام 1927 تحولت مصر بكاملها إلى سرادق عزاء. ونعاه العالم بعبارات خالدة منها رحيل أعظم رجل في الكون.

واستكمل مشواره الزعيم مصطفى النحاس وقاد معارك الأمة في مواجهة الإنجليز وعقد معاهدة 1936. التي حددت تواجد قوات بريطانيا فقط في مدن القناة لتأمين المجرى الملاحي العالمي. وعندما شعر باستمرار التدخلات البريطانية في الشأن المصري قرر فى 1951 إلغاء معاهدة 1936. واعتبر وجودها غير شرعي وقام بتدعيم العمليات الفدائية ضدها. كما قاد الكفاح الدستوري في مواجهة الملك فؤاد والملك فاروق وأصر على فصل الدين عن الدولة برغم أنه كان متدينا وهو ما عرضه لعدة محاولات اغتيال. وأصر على مدنية الدولة ورسخ مجانية التعليم وحقوق العمال وفي ذات اليوم 23 أغسطس عام 1965 فاضت روحه وشيعه المصريون في جنازة مهيبة.

وفي العاشر من أغسطس أيضًا عام 2000 رحل الزعيم فؤاد سراج الدين. صاحب ملحمة معركة الشرطة الشهيرة بمدينة الإسماعيلية في مواجهة القوات البريطانية يوم 25 يناير 1952. وكان وزيرًا للداخلية والتي تمثل عيدًا للشرطة المصرية الباسلة. وبرغم مرور أكثر من ربع قرن على إلغاء الحياة الحزبية. إلا أن فؤاد سراج الدين استطاع إعادة الوفد إلى الحياة السياسية مرة أخرى بثوابته الوطنية وفكره الليبرالي.

تبقى كلمة.. إن الوفد برغم تعرضه من حين لآخر لعمليات تشويه ومحاولات عبثية لإثارة المشاكل داخل صفوفه.. فإن رموزه القديمة التي تؤمن بهذا الحزب وثوابته الوطنية الليبرالية. تبقى تشكل رصيدًا هائلاً وحائطًا منيعًا أمام كل محاولات السطو على هذا الحزب العريق.. وسيبقى الوفد داعمًا للدولة الوطنية المصرية وظهيرًا سياسيًا قادرًا على إثراء الحياة الحزبية والسياسية في مواجهة كل تيارات التطرف والرجعية.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى