غير مصنف

الإعلام الإسرائيلي.. منبر للتضليل وأداة لقمع الانتفاضة

على عكس دورها في فترات الهدوء النسبي، تعمل وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال فترة التوتر الممتدة منذ أسبوعين بدور مساند لحكومة الاحتلال وقراراتها ضد الفلسطينيين.

تعد وسائل الإعلام تلك أداة تدفع حكومة الاحتلال لاتخاذ أقسى الإجراءات لقمع انتفاضة القدس التي انطلقت منذ الأول من أكتوبر الحالي، ومنبراً لبث الكراهية والمضامين التحريضية والمعلومات المضللة والمخاوف أيضاً، إلى جانب إدارتها لحرب إعلامية مضادة لرواية شهود العيان والنشطاء الفلسطينيين حول الأحداث.

وتم رصد خلال الفترة السابقة تغطية إعلام الاحتلال لانتفاضة القدس بما فيها من مواجهات ضد جيش الاحتلال وسلسلة من عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار نفذها فلسطينيون. وقد تبيّن أن وسائل الإعلام- سواء كانت مؤيدة لحكومة نتنياهو أو معارضة لها- اتبعت خطاً موحداً باستخدام المصطلحات المضللة ونشر الروايات المغلوطة.

ففي الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، خلال البث المباشر الأربعاء الماضي، أثناء تغطية أخبار العمليات الأربع التي نفذت في القدس المحتلة ومدينة رعنانا، استخدم تعبير “مخرّب يحمل الهوية الزرقاء” في كل مرة تم التطرق لمنفذي العمليات، في إشارة إلى كونهم من سكان شرقي القدس الذين “يتمتعون بمزايا الاحتلال وينفذون عمليات ضده”.

الأمر الذي اتضح لاحقاً بأنه دلالة على القرارات التي سوف تتخذها حكومة الاحتلال الأمنية المصغرة، التي ظهرت في اليوم ذاته، والتي تضمنت قرار سحب بطاقة الهوية الإسرائيلية والإقامة الدائمة من عائلات منفّذي العمليات.

إلى جانب ذلك، عرضت الصحيفة حلولاً مقترحة لقمع الانتفاضة، مثل طرد العائلات المقدسية إلى غزة، وإعادة بناء الجدار الفاصل بحيث يخرج الأحياء الفلسطينية في القدس إلى خارج حدودها.

ونظراً لكون الإعلام أداة حشد وتأثير، فمن غير المستبعد أن يكون تكرار ذكر هذه المقترحات على الإعلام هو مقدمة لتطبيقها.

وفي السياق نفسه خصصت الصحف مواد خاصة تحذّر فيها المستعربين من الطرق التي يتخذها الفلسطينيون خلال المواجهات، للكشف عنهم وإحباط محاولات اندساسهم بينهم، إلى جانب نشرها لخريطة القدس المحتلة ووصفها الأحياء الفلسطينية بأنها “أوكار للإرهاب”، ودعت بذلك لفرض حظر التجول وإجراءات أمنية تعيد أيام الحكم العسكري.

 

أوكار الإرهاب

من جانب آخر، عملت وسائل الإعلام العبرية على بث مضامين مضللة تعرض عمليات الإعدام الميداني التي يرتكبها المستوطنون وجنود الاحتلال ضد الفلسطينيين لمجرد الاشتباه بهم، وعلى إصرار استمرار استخدام لفظ “مخرّب أو إرهابي” بالحديث عن الضحايا، إلى جانب تكذيب المقاطع المصوّرة التي عرضت وبيّنت اعتداء الجانب الإسرائيلي على الأطفال والفتيات والشبان لمجرد ادعاء مستوطن بأنهم حاولوا طعنه!

لكن بعد انتشار فيديوهات عمليات الإعدام والاعتداءات الجسدية غير المبررة، مثل فيديو فادي علّون والطفل أحمد مناصرة، واستخدام الصفحات الفلسطينية ووسائل الإعلام المناهضة للاحتلال لهذه الفيديوهات لإثبات كذب إعلام الاحتلال، امتنعت وسائل الإعلام الإسرائيلية، منذ الثلاثاء الماضي، نشر صور وفيديوهات من العمليات، بعد أن وصفها المحلل الأمني للصحيفة، رون بن يشاي، بأنها “أسلحة بصرية نقدمها للفلسطينيين ونقتل بها أنفسنا”.

أكثر من 28 ألف منشور تحريضي في يوم!

وبالتفاعل مع المضامين التي تبثها صفحات الأخبار العبرية، سواء عبر مواقعها أو صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، ارتفع بشكل كبير استخدام الألفاظ المحرّضة ضد الفلسطينيين والعرب.

فبحسب إحصائية نشرتها صحيفة “هآرتس”، الاثنين الماضي، ففي تاريخ 4 أكتوبر/تشرين الأول 2015، رصدت أكثر من 28 ألف جملة تحريضية ضد الفلسطينيين والعرب، وازدادت بشكل كبير إعجابات الإسرائيليين بالصفحات المتطرفة.

وكان من أكثر المنشورات شهرة بالتحريض وبث الكراهية، هو الذي نشرته جندية بسلاح الجو التابع لجيش الاحتلال، واسمها “عيدِن ليفي”، تظهر فيها وهي ترفع يدها المكتوب عليها: “كره العرب ليس عنصرية، بل قيمة!”، في حين تعبّر لها والدتها بالتعليقات بأنها تفخر بها، وترد عليها البنت بأنها “تفخر بتربيتها على هذه القيم”. وقد رافق العدد الهائل من الإعجابات إبلاغات لإدارة فيسبوك التي حذفت المنشور وحظرت حساب ليفي.

 

eden levi

وفي سياق متّصل، تستمر الحرب الإعلامية التي أعلن عنها بنيامين نتنياهو في خطاباته، وامتدت من وسائل الإعلام الرسمية إلى حسابات التواصل الاجتماعي أيضاً.

فقد شّنت حملة إبلاغات منظمة وممنهجة ضد صفحات فلسطينية لوكالات أنباء ولأفراد فاعلين ومصوّرين بهدف إغلاق صفحاتهم؛ بدعوى أنها “تحرّض على العنف”، ومن أبرز من تلقى هذه الإبلاغات هي صفحة “شبكة قدس الإخبارية”، والمصوّر “عبد العفو بسّام”، وكلاهما تحدث عن ذلك في حساباتهم الرسمية في تويتر.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى