نون والقلم

محمد يوسف يكتب: ميزان السياسة

السياسة لا تخضع للنظريات المؤطرة في الكتب، لا تنفع معها جداول الضرب والطرح والقسمة والجمع. واحد زائد واحد في أحيان كثيرة يكون حاصلها عشرة، وقد يكون أكثر، فالظرفان المكاني والزماني لهما تأثير قوي. وتقلّبات الأجواء المحيطة لها دور تفاعلي، ومن بعدها تأتي المصالح والاعتبارات الشخصية ثم النوايا.

الأحداث التي تمر بها المنطقة بعد «الحبكة الهوليوودية» التي أخرجتها الإدارة الأمريكية للفيلم الأفغاني الجديد تحرك الكثير من «بيادق» رقعة الشطرنج. وستتساقط قطع لتحل مكانها قطع أخرى، من الخصم أو الذي كان خصماً. ومن الصديق الذي كان صديقاً، هذا سيأخذ مكان ذاك. والبعيد يقترب، والقريب قد يذهب بعيداً، وبعيداً جداً.

السياسة في الغالب تقبل بالمناورات، ولكنها لا تقبل بانحراف المسارات. ولا تحتمل كثيراً مبادئ فرض الأمر الواقع، فهي أخذ ورد، وحد أدنى من التفاهم. ومصالح متبادلة، واحترام يتقدّم على كل الشروط. لا تطغى إرادة على إرادة، فالعلاقة المتكافئة هي الحكم بين الأصدقاء أو ما يسمون في بعض الأحيان بالحلفاء.

قد تكون مقولة «ليس هناك صديق دائم أو عدو دائم في السياسة» صحيحة، ولكن قبلها هناك الثقة، وهي الثابت الوحيد الذي يمنح العلاقات الثنائية والجماعية استقراراً، والثقة تبنى على المواقف وليس على الوعود، وتقوى من خلال التجارب، فإن ضعفت الثقة، وشابتها الشوائب، اخترقها الشك، وحدث التراجع.

الاختلاف في السياسة شيء طبيعي، سواء في وجهات النظر أم معالجة بعض القضايا، ويكون ذلك في حده الأدنى، أي في التفاصيل وليس في الأساس الذي يفترض أنه متفق عليه، فإذا تحول الاختلاف إلى خلاف، حدثت فجوة قد يكون من الصعب وقف اتساعها أو ردمها، وعندما تتشارك الأطراف في قضايا مصيرية تنزوي السياسة وتكون المصداقية هي ميزان العلاقة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى