يمكننا أن نعدد مخاطر عودة حكم طالبان في أفغانستان من الناحية السياسية. فقد نبدأ بالتحدث عن نزوح مئات الآلاف من الافغان خارج بلادهم هروبا من حكم طالبان وما قد يسببه هذا من اختلال في النظام الدولي وزيادة تعنت الاحزاب اليمينية في العديد من الدول وربما زيادة المشكلات الناتجة عن اللجوء التي قد تدفع الشعوب إلى تفضيل احزاب اليمين المتطرف في العديد من الانتخابات القادمة و الذي سوف يؤثر بالطبع علي زيادة التضييق علي المسلمين و ارتفاع معدلات الاسلاموفوبيا و جرائم الكراهية التي بالفعل قد شهدت ارتفاع غير مسبوق في السنوات الأخيرة.
كما ان سيطرة طالبان على الحكم ما هو إلا امل وتشجيع لغيرها من الجماعات ذات الفكر الجهادي في احتمالية السيطرة على السلطة في غيرها من البلاد وتدمير لصورة الإسلام والمسلمين والمساعدة في خلق صورة أكثر نمطية عن تخلف وجهل المسلمين. يمكنني ان أكمل هذا المقال بالحديث عن مساوئ سيطرة طالبان على الحكم لكن ما يشغلني حقا هو الدعم الخارج من عالمنا الإسلامي لمثل هذه الجماعة.
فمن الصعب ان تدرك ان كل هذه الأسباب المنطقية الذي سبق ذكرها وغيرها لم تؤثر في الجموع العربية والإسلامية ولم تؤثر على إدراكهم لحجم الضرر الذي تسببه هذه الجماعات لدينهم ولنظرة المجتمعات لهم. حينها تدرك أنك تقف أمام أكثر الاسلحة فتكا بالأمم وهو الجهل.
تدرك أنك تقف امام قوم قد عاشوا عقودا من الجهل جعلتهم لا يفقهوا شيئا عن حقيقة دينهم ولا تخضع عقلوهم لأبسط الاشياء المنطقية. فلا يرون في صورة تعلق الافغان بالطائرة الامريكية راغبين في الهجرة او الموت سببا ليفزعوا وليدركوا حجم المأساة التي عاشها هؤلاء البشر في يوم تجعلهم يختارون الموت على معايشتها مجددا.
فالجهل لا يعمي العقول فقط، بل القلوب ايضا. فموقف الناس من سيطرة طالبان على السلطة ما هو إلا دليل علي استحالة خلق مجتمعات ديموقراطية واستحالة وجود تنمية حقيقية بوجود الجهل. فالتعليم هو الشيء الوحيد الذي يشكل ايماننا بضرورة الحرية ويجعلنا علي وعي بأهمية اختلافنا و يجعلنا قادرين علي تمثيل ديننا.
التعليم الذي ستمنع منه المرأة في عهد طالبان و التي كادت (مالالا )ان تموت لأجله. التعليم الذي أصبح يعرض كل فتاة في افغانستان اليوم للخطر. لأنها إذا تعلمت ستطالب بحريتها وتنادي بحقوقها. وكيف تجرؤ على ذلك في ظل مجتمع إرهابي يتخذ الدين اداة للسلطة وفرض الحكم. إذا اردت ان تحكم على نظام فلتنظر كيف يعامل البشر. فإذا منعهم من التعليم وقيد حقوقهم فهو لا يخلق دولة بل يخلق معتقل لا امل فيه لتنمية حقيقية و لا أمل فيه لحياة افضل. هذا يفسر مشهد تعلق الافغان بالطائرة. فمادامت في معتقل بالطبع ستحاول الهروب.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا