عام هجري يمر على الأمة الاسلامية والعربية, وندخل في عام هجري آخر ودلالات الهجرة النبوية الشريفة بكل معانيها وعبرها نستها هذه الامة للأسف وما عادت تستلهم منها الدروس وكأن الرسول اليعربي ليس نبيها ورسولها, وابنها الصادق, لان ما نراه وما نلمسه من حال هذه الامة يقينا لايرضى به محمد صلى الله عليه وسلم ولا ربه ولا أصحابه ولا إتباعه والناظر لساحات مشرق الامة ومغربها يرى المأساة والمعانات ويرى الموت يلاحق أبناء هذه الامة حيثما كانوا ,والسبب أن الامة نفسها هي التي تخلت عن عبر الهجرة النبوية الشريفة, وصارت في أسوء حالاتها على مر التأريخ ,ذلك أنها لم تعِ أن الهجرة في أولى دلالاتها هي رفض الظلم والطغيان والجبروت الذي أرادت قريش ومن معها فرضه على المؤمنين الذين عاهدوا الله وكانوا صادقين في عهدهم ,ومن ثم رفضهم لكل مغريات الطغيان ,فضلا عن رفضهم لترهيبه ,وقد كانت قريش صادقة في ترغيبها وترهيبها ,إلا أنها لم تستطع أن تقنع هذه الثلة التي عرفت الله حقا وأمنت به قولا وفعلا ,وثاني دلالات هذه الهجرة أن القوة والغلبة ليست مع المتسلط وصاحب النفوذ والأموال, وقد كانت قريش متسلطة على كل ما حولها ,وتملك من النفوذ ماتسيطر به على كل ماحولها ,ومع هذا خرجت خالية الوفاض عندما أيقنت أنها تقاتل السماء والأرض لقولهم يكفينا فخرا أننا قاتلنا السماء والأرض , مقابل هذا لم تكن الهجرة عبثية او غير مدروسة الزمان والمكان بل كانت حكم ألهي تم تطبيقه من قبل الرسول الكريم وأصحابه بعد أن أذن لهم بالهجرة ,وقد كانت الركيزة الاساسية لبداية نهاية الظلم الطاغي على بلاد العرب والمسلمين ومن ثم امتداده أفقا ليصل الى بقاع كثيرة من الارض ,الهجرة يا أمة العرب تعني الثورة ضد الظلم , الهجرة تعني توحيد الروئ, الهجرة تعني استلام زمام القيادة والسيطرة , الهجرة تعني رفض الذل والخنوع , الهجرة تعني رفض التبعية والانقياد , الهجرة تعني بداية الحياة الجديدة للأمة بكل معانيها السامية وسموها , الهجرة تعني رايات الحق هي التي تسود ورايات الباطل الى زوال ( وقل جاء الحق وزهق الباطل) الهجرة تعني تطبيق ما أمر الله به على الحاكم والمحكوم , الهجرة تعني ادارة الدولة بالعدل والمساواة, الهجرة تعني( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ) والهجرة تعني ( حب لأخيك ما تحب لنفسك) والهجرة تعني القوة والعزيمة والإرادة وغيرها كثير يا امة العرب فماذا استفدت؟ ومن أيها استلهمت ؟ يقينا لم تستلهم كل هذا ,لأنك لو تمعنت به حقا لما كنت في ذيل قائمة الامم تمزيقا, وخنوعا ,وذلا , وفي أيام الهجرة الشريفة وأنت تعيش الموت ,والخراب, والدمار, وقد كثرت عندك الثكالى وأيتامك بلا عدد وأراملك يستجدن . حكامك يستجدون أسيادهم ,ووزرائك يتسكعون في الحانات ونوابك لايفقهون من حالهم شيئا, فلك الله يا امة العرب ,عسى الله أن يهيأ لك من أبنائك من يستلهم دروس الهجرة وعبرها حقا ويقينا ويدفع عنك البلاء الذي أنت فيه والله المعين.