التوهج الوطني الذي تعيشه مصر حاليا يذكرني بمشاهد السيل الجارف من أعالي الأنهار والمحيطات نحو المنخفضات ليسري في شرايين المصريين.
وذلك المشهد هو لما تمر به مصر حاليا. من الابتهاج بذكرى التخلص من الكابوس الذي زار مصر ومر بها كطيف انتهى سريعا.. وهي مرحلة كنا نعاني خلالها من عدم الاستقرار، ونرى مصرنا ذاهبة إلى الهاوية أمام أعيننا .
ولكن هذا السيل المنجرف كعادته يحمل بين من يحمل من لا يستحق أن يكون في هذا المكان أو ذاك، مستفيدا من الظروف التي خدمته وجاءت به إلى هذا الموقع أو وضعته في تلك المكانةالتي لربما لا يستحقها. أو على أقل تقدير ليصبح في مسئولية كبيرة عليه لإمكاناته المحدودة، ولو أن هناك فلترة في ظروف طبيعية لحالت دون وصوله وكشفت زيفه وآلاعيبه.
فقد وقف كل من حمله سيل 2011 من مختلف الفئات والثقافات والأيدلوجيات والجهات مدعياً الوطنية وحب الوطن… وأن الوطن روحه وعقله وجسده وكله فداء لهذا الوطن العظيم. ولكنه أخفى أيضا عن الناس أن هذا الوطن ما هو إلا حسابات بنكية ومبان وعقارات وأراض يستولى عليها بحق وغير حق.
وتحدث بلغة علنية غير السرية وتدثر بعلم الوطن على المنصات والمجالس النيابية وفي المنتديات، مما استدعى له الشكر والثناء. ولكن وما أدراك ما لكن التي تخفى وراءها الكثير فإن أغلب ما حمل السيل في مصر هذه المرة كان غثاءًا ضاراً قادته مصالحه الشخصية الضيقة ودناءته وخسته لأن يتاجر بالوطن وبمقدراته وثرواته وبدلا من حمايتها والدفاع عنها كان أول من سرقها وعبث بها ونال منها مآربه وحقق مصالحه وضخم حسابه البنكي وعقاراته وأملاكه معتقدا أن ثوب الوطنية الذي ارتداه سيستره ولكنه كان ثوبا شفافا للغاية أظهر أكثر مما أخفى.
وكشفت الأيام والشهور والسنون السابقة عن مئات الآلاف بل الملايين الذين كانوا يرتدون ثياب الثعالب. للتغطية على نشاطهم المشبوه، وأعمالهم القذرة ونواياهم الخبيثة للوطن وأبناؤه.
فالذي تدثر بالعلم واستولى على الكرسي سواء في مجلس النواب (نائب الجن والعفاريت) أو في المحافظات (محافظ المنوفية – نائب محافظ الإسكندرية) وغيرهم اتضح لاحقا أنهم يبيعون الوطن في سوق النخاسة واستحل مالها وعقارها لنفسه وسرق خزائنها وأعطى من لا يستحق حقوقا ومسئوليات ليست له.. وسلبها ممن يستحقها فأضر بالوطن والمواطن.
ومن هنا نثمن دور الجهات المعنية التي تضم أبناء مصر المخلصين. والذين يعملون في صمت ويكشفون هؤلاء المرتزقة وفضحهم وتقديمهم إلى القضاء.
وأكدت هذه الأحداث أن الوطنية تذهب لمن يستحقها وتعري أولئك المزيفون المدلسون.
وكما قال الشاعر الكبير معروف الرصافي:
لايخدعنك هتاف القوم بالوطن … فالقوم في السر غير القوم في العلن.
Redahelal@gmail.com
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا